الجزء السابع عشر:(يعجبني)

11.6K 469 6
                                    

"يبدو كأنك ستحزنين لمغادرة الجزيرة يا أيفا".

أخذت تتأمل شباك الصيد وصواري المراكب الشراعية , ثم أستدارت نحوه وفي عينيها نظرة مروعة:

" سميتني أيفا؟".

" ألم يعجبك ؟".

" بلى أعجبني ".

" والأكثر من هذا يا أيفا أن أسم التصغير علامة أعجاب من الأسباني بك ".

ضحكت وقالت :

" لقد أوقعتني في الفخ عندما جعلتني أسميك ريك منذ البداية !".

" آمل ذلك".

تلاقت نظراتهما , ورأت في عينيه حنانا , وأرادت أن ترجوه بألا ينظر اليها هكذا , ولا بد أنه فهم مرادها , أذ أخذ يحدّثها عن أشياء أخرى , عن طفولته في تلال أسبانيا , وطموحه لأن يكون أكثر من مجرد عامل يقطع اللوز والزيتون , وعن هربه من البيت في الخامسة عشرة من عمره وذهابه الى برشلونة حيث أشتغل خادما في أحد المطاعم , ثم أصبح تلميذا لعازف غيتار يشبه الملاك ولكنه يعيش كالشيطان.

وقال ريك:

" لدي فقط نصف مواهب ذلك الرجل , ولكنني أستغلها كل الأستغلال , وعندي طموحي أيضا , أفكر في جمع المال حتى أذا صرت غنيا أشتريت بيتا كبيرا فيه أشجار اللوز وفيه نوافير , وسأكون رجلا له زوجة وعائلة".

أبتسمت أيفين وقالت:

" أنت تذهلني يا ريك".

" أنت نظنينني بلاي بوي , أنني أسباني قبل أي شيء آخر , ونحن نأخذ الحياة بروح جادة برغم أننا نغني ونحتفل كلما سنحت لنا الفرصة , الليلة سترين كيف نمرح , وسأعلمك كيف ترقصين كأسبانية".

" هل سنذهب الى الكنيسة لنرى حفل الزواج؟".

" سنذهب طبعا يا عزيزتي".

كانت الشموع الطويلة تضيء فوق مذبح الكنيسة , ونورها يرسم هالة حول العروسين الواقفين أمام القسيس وهما يتمتمان القسم , وكان كل شيء داخل الكنيسة يوحي بالخشوع , وأخذ الحضور يركزون أبصارهم على العروسين.

وتأملت أيفين وهي صامتة ومأخوذة , بينما كانت طرحة العروس البيضاء تنبسط فوق كتفي العريس الواقف بجوارها , وذلك جزء رمزي من الأحتفال , معناه الوعد بأن تخضع العروس له بالمحبة والوفاق , بعد ذلك وضع في يدها خاتم الزواج , وبنظرة خجولة الى وجهه وضعت خاتما في يده , هذا التبادل للخاتمين رمز تحالفهما , وأذا بتنهيدات الرضى تعلو وسط جموع الحضور.

كان دخان الشموع يختلط برائحة القرنفل عندما أعلن القسيس أنهما أصبحا رجلا وزوجة , وأبتسم الشاب الأسمر وضغط على اليدين اللتين تحملان زهر البرتقال , وكتاب صلاة مغلف بالصدف ومسبحة , كانا خجولين الى حد لم يقبّل أحدهما الآخر أمام الناس , ورأت أيفين أن العروس تمسح دموعها بمنديلها , أن قسم الزواج رباط مقدس , ولا أفتراق فيه عند الأسبان , وقد نظر كل من العروسين للآخر نظرة أمل وثقة وفرح.

تناديه سيدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن