٠٠٣

4.3K 521 189
                                    




الفصل الثّالث

"لن أسمح لكِ بالتّأخر عن المنزل ثانيةً."

كانا بين أجسادِ الطّلبة، يحاولان شقّ طريقهما نحو السّلالم المؤدّية لصفّهما المشترك.

كان صباحًا باردًا ملبّد السّماء، لكنّ ذلك لم يردع تايهيونغ عن التذمّر بصخبٍ كعادته.
"ومن أين أتى هذا القرار فجأةً؟"
"ربّما لأنّ والدة فتاةٍ شقيّةٍ ما قد شدّت أذني بقوّةٍ ما إن لمحتني أمام منزلها، محمّلةً إيّاي الذّنب في طيش اِبنتها قبل يومين!"

أخذت إحدى شفتيها بين قواطعها محاولةً عدم الإنفجار ضاحكةً أمام أحد المعلّمين.
كانت، وعلى عكس صديقها، تهتمّ بشدّةٍ لصورتها المنضبطةِ الهادئةِ، ما كان سببًا في تساؤل العديد عن إمكانيةِ مصادقتها لأصخب طالبٍ في الصّف.

شعرت بوكزٍ خفيفٍ على جانبِ خصرها، لتنصت لسلسةِ تذمّراته المتتالية.
"لا تبتسمي هكذا! أتدركين أنّني لا أستطيع السّماع جيدًا؟ اِحتمال رسوبي في الإمتحاناتٌ واردٌ جدًا! كيف سأسمع شرح الأستاذ؟"

"لربّما السّبب في تدهور سمعك هو صوتك بحدّ ذاته، تاي."
اِسترسلت مبتسمةً. لم تكن اِبتسامة نصرٍ تحديدًا، كانت مجرّد اِبتسامةٍ أمست تواجه معضلةً في كبتها وقتما يكون تايهيونغ في الجوار.
أملت ألاّ يلاحظها، فهو لن يخرس عن الحديث عنها قطّ.

"ليكُن في علمكِ، جودي لم تكن بهذا اللّؤم قطّ، جايهي."
"وكأنّ نيك كان بمثلِ صخبك واِزعاجك."

***

"إذن ما اِسم مدينتكِ؟"
همهمت جايهي باستفهامٍ، رافعةً أحد حاجبيها.

"كانت زوتوبيا مدينة الحيوانات، ماذا عن مدينتكِ؟"
أجاب محرّكًا القشّة بعشوائيةٍ في عبوّةِ العصير.
كان جالسًا مقابلاً جايهي، في قاعةِ الكافيتيريا، ولأوّل مرّةٍ منذ الصّباح كان صوته هادئًا.

"أتعني أنّني حيوانٌ؟"
"لم أعهدكِ ذكيّةً هكذا!" أجابَ مقطّبًا حاجبيه، بينما تأرجحت ملامحه بين التعجّب والضّيق.

غلب عليه الهدوء منذ تلقّيه الإتّصال.
ولم يكُن سؤاله عن خطبه خيارًا واردًا بالنّسبة لجايهي، فقد كانت خيرَ العالمين بسبب أرقه في الآونةِ الأخيرة.

"على أيّةِ حالٍ، سأسمّيها تايتوبيا!" نبست مجنّدةً ما اِستطاعت من الحماس، دافعةً حبّة تفاحٍ نحو تايهيونغ.
"تايتوبيا؟"
"أجل.. تاي وزوتوبيا، إنّه نوعٌ من الدّمج المبتذل لكن لا بأس بذلك معي."

كانت اِبتسامته لطيفةً، بالرّغم من النّدبة التي لا تكاد تُرى في الجانب الأيسر لشفته السّفلى.
تيّقنت جايهي من أنّها تؤلمه.
"إنّها مدينتكِ، لا مدينتي."
"حسنًا إذًا، سأسمّيها جايتوبيا."
"إنّه إسمٌ مناسبٌ."

شعرت بتربيتٍ خفيفٍ على كتفها، لتلفت وتقابل وجه جيمين البشوش.
كانت تعلم أنّه يودّ دعوتهما لطاولةِ الفتيان.
"لا تحاول، لن أذهب." قالت متسبّبةً في توقّف حركةِ تايهيونغ الفجائيّ، والذي كان قد شرع مسبقًا في وضع طعامه على الصّينية وحملها.

"لماذا؟"
تعارض صوتاهما يسألانها، قبل أن تقابلهما برفعٍ لا مبالٍ لحاجبيها.
"لقد قام يونغي بإهانتي."
أعقف تايهيونغ حاجبيه واضعًا الصينيّة أينما كانت، وأومأ حاثًا إيّاها على مواصلةِ الحديث.

"لقد قال أنّ زوتوبيا هو أسخف فيلم قد رآه في حياته."

نهاية الفصل الثّالث

أنا آسفة يا رفاق

جايتوبيا Where stories live. Discover now