1- وقتلَ القلبُ من جديد

7.6K 156 34
                                    

••
قد أذنبَ الفؤادُ حين عشِق ، وها هوَ يقضي عقوبته المؤبدة بسجن الجُحود والحرمان
ولكن ، هل كان الذنبُ في الحُب ذاتِه ؟ ، أم أنه يكمنُ في إختيار الشخص الخطأ لإسباغِه بتِلكَ المشاعِر السامية ؟!

المَحبة سلاحٌ ذو حدين
إما أن تسمو بك إلى الأعلى فوق بساط السعادة ، أو أن تهوي بك لتجثو مُهاناً بعذابٍ سرمدي

•°•°

قرابة الظهيرة..

في مكانٍ مُميزٍ واسِعٍ يتخذ شكل ثلاثة أرباع الدائرة ، مقاعدٌ من حديدٍ وخشب وُزعت بالأرجاء فتحُط الحمائم عليها وعلى الأرض الرصيفية من فينةٍ لأُخرى ، لا يوجد إسفلتٌ ولا تلِج المركبات إلى هنا مُطلقاً 
هناك أبنيةٌ ذات طابقــَين أو ثلاث ترتصُ بالمكان على خطٍ مُنحنٍ وهيَ ما يمنحُ هذه البُقعة شكلها الدائري الفريد
وكذا على امتداد الخط توجد العديد من أبواب المحلات المُتنوعة من مكتبةٍ ومقهىً ومتجرٍ لبيع الهدايا وما إلى ذلكَ من الكماليات المُهمة لرفاهية البشر
تنتشر على الأرضية ظِلال الأشجار العاليات القابعات مُنتصفَ المكان سامحةً لحفنةٍ من أشعة الشمس بالتسلل بين وريقاتِها والأغصان التي تتراكمُ بها أعشاش طيور الحمام بكثرة

المكان ساحرٌ خاصةً في الصباح الباكِر حين يخلو من الناس ويكتسي بالهدوء بينما هذا ما هوَ عليه الآن
(شِبه مُكتظ) !

بعيداً عن صخب المخلوقات ، وعلى إحدى الكراسي الخشبية العتيقة جلست أُنثى ناضجة ، لها من العُمر ما عاشته ، ولها من الأحاسيس ما لم يعِشه الكون جُملة
حملت على مُحياها شجناً غائراً ، مزيجٌ بين الخوف والتشتت ، والكثير الكثير من الشحوبِ المُرعبِ يستوطنُ كل جزءٍ بوجهها

يُوجد بدواخِل جوفِها الكثير من الأمور المُبهمة حتى بالنسبة لشخصِها ؟!
هيَ إن صحَّ التعبير طفلةٌ أضاعت أباها ، أو أُماً فقدت صغيرها الرضيع
في كلتا الحالتَين هيَ ضحية المرارة في رحلة البحث عن ضالتها

حازت بين أكفها رغيفاً من الخبز الطازج قد قامت بأخذِه من بائعٍ جوالٍ في طريقها !
لابد وأن أرجُلها قد قادتها إلى هنا بتلقائية ، إلى المكان العزيز إلى قلبها ، حيثُ كل ما يُوجد هنا شاهِدٌ على لقائها به ، وشهِدَ كذلكَ على الحُب الأُسطوري الذي جمعَ قلبيهما في هذا المكان
وما زالت ملامِحُ ذلكَ اللقاء باديةٌ عليه وواضِحةٌ لناظِريها الحزينان اللذان ترقبا قدومه هنا لأعوامٍ عِدة 
تنهدت برجفةٍ وشعرت بأن المكان يفتقِدُه مِثلها
دارت بأنظارها باحثةً بين الملأ بتركيزٍ مُتأمِلٍ كما العادة ولم تجِد له أي أثر 
حتى اتبعت حدساً إنتابها ووجهت نظراتِـها إلى مدخل المقهى حيثُ أقبل خارجاً وظلَّ واقِفاً بنفس هيبته وحُضوره الذي يخطِف أنفاسها فبُهتت وزاد شُحوبها

ها هوَ ذا ! ، ها قد وجدته بعد مرور جُل ذلكَ الوقت ، بعد أن أضاعت أثـَره طوال ذلكَ الأمَد ، وها هوَ يقفُ بنفس مكانِهِ آنذاك ليُعيدَ الزمنُ لها ذكرى تِلكَ اللحظة ولِتسريَ القشعريرة بعمُودِها الفقري وينتهي بها المطاف مُتجمدة

صفعة نــُكرانWhere stories live. Discover now