¶٢¶

26 3 0
                                    

كان البدر المتلالئ المكتمل يشبه لؤلؤة رائعة معلقة في السماء. نهضت من السرير، و نظرت من النافذة الى الفناء الذي يغمره ضوء القمر. لكن حتى رؤية هذا الجمال لم تخفف شدة ضربات قلبي او ارتعاش يدي.
"بني،عد الى السرير، لا زلت متعبا" امرت امي بنبرة حنونة اكتر من كونها صارمة "تلك الرؤى مجددا؟" سالت و هي تربث على كتفي. اومات بينما نظري معلق بتلك الصورة التي تزين جدار غرفة المستشفى.

"اشتاق الى ابي"قلت باريحية لتنتفض امي من جانبي بينما تحاول السيطرة على توترها و دموعها. لا اكاد انفك استمع لشهقاتها العالية ليلا و هي تصرخ منادية باسمه. ياليته فقط كان هنا. "ارجوك هارولد، انسى الموضوع، لقد مضت 18 سنة منذ تركه لنا، لم يتغير اي شيء من حينها، نحن بخير من دونه الا ترى ذلك؟". عم الصمت للحظة، "بل تغير الكتير امي، على الاقل منذ عيد ميلادي الثامن عشر، تلك الرؤى التي تضايقني في اوج احلامي اثارة، و تلك الهمسات، كانها ترشدني لشيء ما، شخص ما.. او مكان ما.. لقد تغير كل شيء امي" انهيت حديثي لاستلقي بتعب على السرير، اغلقت عيناي بحثا عن لحظة سكون تام ليغرق زورق احلامي في احضان النوم دقائق بعدها مباشرة.

#الراوية:

احس بكل ثقل جسمه و كانما يسقط في راسه! لم يعد يرتفع في هدوء عن الارض، بل راح يهوي في اندفاع الى اعماق المحيطات و البحار، و القى نفسه في وسط غابة جميلة من نبات المرجان، تصدح في جنباتها الاسماك الصغيرة الملونة، و كانت الارض مغطاة بازهار جميلة غريبة، ذات اريج سحري، لم بكد يستنشقه حتى تحول شعره الاغبر القليل الى شعر بني غريز متماوج الخصلات، و زالت من وجهه اتار الضرب المبرح. فبات متوردا منتعشا، و جرى في عروقه دم الشباب بقوته و تدفقه! كانت تلك اللحظة حلما ورديا ود لو انه لن يستفيق منه. اغلق عينيه الزمرديتن و استسلم لحركات المد و الجزر العميقة التي تعبث بذاته، و اطلق العنان لكل تلك الطاقات السلبية، و ماان ارتفعت تلك الاصوات حوله، حتى ادرك ان الحلم على مشارف نهايته ليسحب نفسه نحو السطح.

#نهاية الحلم.

"هاري، انك تبدو شاحبا. هل رايت الحلم ذاته تانية؟"همست امي،"هل اجلب لك كوبا من الماء؟"
طمانتها و طلبت منها ان تعود الى فراشها. فليس بامكانها ان تفعل شيئا. لان احلامنا جزء من قدرنا، فهي تاخد مسارها كما يشاء الله.
وقلت لنفسي لا بد من وجود سبب يجعلني ارى الحلم ذاته في كل ليلة من الليالي الثلاتين الماضية؛ منذ ان اتممت الثامنة عشر. و كانت بداية الحلم تختلف في كل مرة، او لعلها كانت هي نفسها دائما، لكني انا الذي كنت الجه من باب مختلف في كل ليلة.
هذه المرة، رايت نفسي اكثر حيوية و سعادة. كما لو ان حدسي المشؤوم يقودني الى قعر الجنة. و بينما امتدت يداي للامساك بكوب الماء ذاك حتى لاحظت عينين زرقاوين تحدقان في بحزن غير مسبوق من قاع الكاس.
"بني"صاح احدهم. ربماكان ذلك انا نفسي. ربما بدا صوتي هكذا في حالة من العذاب اللامتناهي.  رحت اصرخ و اصرخ داخليا حتى غلفني نوع من التعب و السكينة.

#الراوية:

بعد ان نامت والدته، تسلل هاري الى فناء المستشفى. و في تلك اللحظة، تحصل لديه انطباع بان الحلم لا يزال واضحا و مخيفا. و في هداة الليل، احدتث رؤية تلك العينين رعشة سارت في اوصاله، فراح ينصت الى حفيف النسيم بين الاشجار.
و في اوقات كهذه كل يوم، كانت تغمره موجة من الحزن المفاجئ، لا يعرف سببها. لقد اكتملت حياته و حقق ما كان يصبو اليه، اليس هو صاحب المركز الاول في الدفعة المدرسية؟ اليس هو من حاز لقب جرذ المكتبة ل3 سنوات متتالية؟ اليس هو هاري الوديع اللطيف الذي يحبه الناس على اختلافهم؟. لماذا اذا يعتريه شعور بالفراغ في داخله،يزداد عمقا و اتساعا يوما بعد يوم؟ انه ينغل في روحه كالمرض و يرافقه حيثما ذهب، هادئ لكنه مفترس.

War Of Gods I Where stories live. Discover now