كذب للاستخدام الشخصي فقط !

59 12 5
                                    


-

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

-

عقارب الساعة تزحف ببطء قاتل نحو السادسة صباحاً ..

كانت هذه هي الجملة التي بدأ بها كاتب القصة ، لم يكن هنالك تفسير منطقي لاستخدام الكاتب عبارة " عقارب الساعة " ، فالساعة التي يتحدث عنها رقميّة وليس لها عقارب ،

ثم إن بطل القصة لا يستيقظ قبل العاشرة ، وليس هنالك مبرر واضح حتى هذا السطر للحديث عن السادسة صباحاً !

شعر الكاتب ببوادر ورطة حقيقية ، فتحدث عن الثلج الذي يتساقط في الخارج ، وعن صوت الريح الذي يداعب أغصان الأشجار المثقلة بالثلج ..

تحدث عن البرد ، عن رحلة الغيم ، عن الشمس التي غابت كثيراً ، عن الحنين للدفء ، عن الأشياء الكبيرة داخل الغرفة ، عن الأشياء الصغيرة خارج الغرفة !

كتب كثيراً ، أسهب في مواضع ، واختصر في مواضع ، استطرد وعاد ..

ملأ الكثير من الورق بكلام كثير عن أشياء قليلة !

لكن كل ذلك لم يشفع له بردم الهوّة بين السطر الذي بدأ به وبين موعد استيقاظ بطل القصة !

لم يتسلل اليأس إلى قلمه ولا إلى قلبه ، أصر على المضي قُدماً فلا يمكن لشيء أن يمنعه من الوصول إلى الساعة العاشرة ليستيقظ البطل وتبدأ الأحداث ..

إنها العاشرة إلا بضع صفحات ..

خُيّل إليه أن البرد جمّد كل شيء ، ووقت طويل يمضي قبل أن تتغير أرقام الساعة ، بدا أن دهراً يفصل بين ثانية وأخرى !

يعلم تماماً أن أطول لحظات الانتظار وأكثرها مللاً هي تلك الدقائق التي تسبق الحدث ..

جرّب كثيراً أن ينتظر سنوات ويعتاد على الانتظار إلى الدرجة التي يؤمن فيها أن مهمته في الحياة هي أن ينتظر،

لكنه في كل مرة يفقد صبره في الساعة الأخيرة وتصبح دقائقها أعماراً يعيشها بكل تفاصيلها المملة !

تأتي العاشرة ..

ينتظر الأحداث وينظر إلى باب الغرفة بشغف طفل ينظر إلى قطعة حلوى في يد والده ، ويحس بطعمها في فمه قبل أن تصل إلى يده ..!

لا شيء يحدث ، بدأت رائحة الخيبة تنتشر في المكان ، وصوت الصمت المزعج يكاد يصم أذنيه ، لكنه يقوم في تثاقل ، يريد أن تطول المسافة بينه وبين الباب ،

أن يبتعد الباب كلما اقترب منه ، هو لا يريد الهروب من خيباته ، لكنه في الوقت ذاته لا يمانع أن تهرب هذه الخيبات ، لن يطاردها كثيراً ، وسيسمح لها بالعبور وكأنه لم يرها !

تمتد يده إلى الباب ويفتحه دون أن ينظر إلى الغرفة ، لا يريد أن يرى ماهو متأكد من وجوده !

يوجه نظراته إلى الأرض ثم يحرك رأسه ببطء ليجول بنظره في أرجاء الغرفة ، يبدأ بتلك الأماكن التي يفترض ألا ينظر إليها ..

ولا شيء يحدث سوى أن الخيبة بدت بكل ملامحها التي يعرفها جيداً هي التي تسكن هذه الغرفة ، لم يكن بطل قصته موجوداً ، لم يترك أثراً ، لم يدخل هذه الغرفة من الأساس !

البرد يسري في جسده ، وبدأ يشعر بأن أطرافه تريد التخلي عنه أو عن مشاركته في حفلة الخيبة هذه فلم يعد يشعر بوجودها كثيراً ،

نظر إلى المدفأة ، التي تكاد النار فيها أن تخبو فقرر أن يعيد لها الحياة ، وأن يرمي أوراق قصته في قلب المدفأة ليعيد للنار الحياة !

لا أعلم سبباً منطقياً يدعوني للحديث عن المدفأة ، في حين أن الغرفة لم يكن بها مدفأة ، وكانت نوافذها مغلقة بإحكام حتى لا يتسلل الغبار إلى الداخل !

ولا زلت لا أعلم سبباً يدعوه للحديث عن الثلج وعن الشمس التي أطالت الغياب ،

في حين أن الساعة كانت تشير إلى منتصف الليل ودرجة الحرارة في الغرفة وخارجها تخبرنا أن الشمس لازالت معلقة في النافذة !

غسيل دماغWhere stories live. Discover now