المقدمة:-

24.7K 318 23
                                    

المقدمة:-

ارتسمت أعلي شافتيها الوردية تلك الابتسامة الهادئة الخاصة بها وحدها...
وراحت تمد ذراعها الرشيق نحوه وقلبها يكاد الهرب بعيدًا عن قفصها الصدري...
ستتلامس أيدهما للمرة الثانية على التوالي في نفس اليوم... في مدة لا تتزايد عن الساعة...
والله إن لم تكن قد شعرت بذاك الألم الذي اخترق قلبها فور وصول خبر وجوده بالمشفى لها... لكانت شكرت ربها على ذلك الحادث ... الذي جعلها تراه مرتين في نفس الأسبوع...

تنحنحت بحرج وهو يلتقط كفها بين خاصته قبل أن تهتف هي بنبرة جامدة أخفت بها عشقها:
_ألف سلامة عليك... إن شاء الله آخر مرة... وعمرك ما تيجي مستشفى تاني ابدا.

بادلها الابتسامة وهو يحاول الحفاظ على يدها داخل خاصته أكثر وقت ممكن... تلك الأصابع الطويلة الرشيقة كما هو حال صاحبتها تمامًا...

تلك الصغيرة أمامه التي لم تتعدي الاثني وعشرون ربيعًا من عمرها...
ذات الأعين المسكرة بلونها الرومادي الجذاب... كما هو حال كل إِنْشٍ بها... بداية من خصلاتها الطويلة حتى خصرها الممشوق... شعرها المموج ذو اللون البني... أنفها الصغير وثغرها المرسوم... واهٍ من ذاك الثغر المرسوم... كم تخيل نفسه مالكًا له و لصحابته، يلتهمه بتمهل كقطعة حلوة لذيذة....

استفاق من تأمله في ملامح وجهها الخلابة وأحلام يقظته الدائمة علي صوت والدته وهي تنادي عليه تخرجه من دوامة شروده المعتادة بها:
_ "لامي! "... أنت الحادثة أثرت على استيعابك ولا إيه ؟ بقالنا ساعة بنتكلم يابني!

ترك كفها مسرعًا وقد عاد لوعيه... فأسرع يجيب تلك الواقفة أمامه والتي مازالت تغريه بابتسامتها الخلابة:
_الله يخليكي يا "تَيرْ" ربنا يحفظك.

انمحت ابتسامتها سريعًا عنها وهي تعقد حاجبيها وتهيئ ملامح وجهها لتبدو أكثر صلابة وحده... وراحت تهتف بتحذير وضيق مصطنع رافعة سبابتها أمام وجهه:
_مش عايزين نيجي مستشفيات تاني يا (لامي) باشا..

وما لبثت من لفظ آخر حروف جملتها الحادة و أظهرت أسنانها البيضاء في ضحكة عميقة واضافت بمرح:
_أتفقنا!

أومأ هو الآخر برأسه مدعيًا الجدية أيضًا... وأجابها بنفس نبرتها الجادة:
_اتفقنا.

ابتعدت بخطواتها عنه واقتربت من والدته الجالسة أعلي أحد المقاعد المجاورة لفراش "لامي"...

وبهدوء أعادت نبرة صوتها للطبيعية وانحنت بجزعها نحوها قليلًا حتى وصلت لطول قامتها وهي جالسة قائلة:
_إن شاء الله منجلكوش في حاجة وحشه تاني يا طنط...
طبعت تير قبلة فوق وجنتي الأخرى لتبدلها هي أيضًا وهي تربت علي ظهرها بمحبة واضحة... حتى عادت تير لتنتصب واقفة مبتسمة...

أنتِ ملكًا لي.Where stories live. Discover now