الفصل العاشر:-

4.1K 118 11
                                    

الفصل العاشر:-

...

كانت ترتاح في مقعد والدتها الراحلة الخشبي الهزاز داخل شرفة منزلها.. تمسك بين يدها كوبٍ تتصاعد منه الأبخرة... ولكنها لم تكن تستشعر حرارته أبدا.. كل ما يشغل حواسها في تلك اللحظة هو التفكير في الآتي..
وكيفية الخلاص منه... ذلك المستقبل المجهول غير المبشر أبدًا... ذلك المختل الذي ما كانت تنقص حياتها سواه...

راحت تتذكر آخر أحداث أمس في منزل عمها... وتهديده الصريح لها أمام الجميع دون خوف... كم أرعبها وقتها وكمْ شعرت أنها وحيدة دون من تحتمي به... وكمْ أشعرها ذلك أنها مجرد نكرة وهي تقف تحدق بعمها تستنجده بأعينها دون صوت...
تتذكر جيدًا ما قالته حينها غاضبة وهي تتحرك راحلة وقد قررت الاحتفاظ بما تبقى من نفسها دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى.. وكانت تلك الشرارة التي أشعلت فتيل غضبه:
_تبقي بتحلم لو فكرت اني هوافق علي الهبل ده...

تشبث إياس بذراعها يمنعها عن الحركة واستكمال طريقها... وبتحدي قابل عينيها المرتعشة قائلًا بتمهل غاضب وقد أخرجته عن هدوءه المعتاد:
_أنا لحد دلوقتي مش عايز اكون وحش معاكي يا تير وسيبك تدلعي براحتك.. بس انا صبري عليكي قرب يخلص ومش عايز انفذ اي تهديد وعدتك بيه.. تهديد انت عرفاه كويس اوي.. ردك يكون عندي قريب يا تير.. بمزاجك احسن ما يكون غصب عنك...

على الرغم من تخلي عمها الصريح عنها.. إلا وانها رغم ذلك ظنت للحظة أنه سيثور.. سيثور أمام تهديدات ذلك الهمجي الواقف أمامها.. ولكنه لم يفعل.. بل وقف يشاهد وكأن بطلة المشهد لا تعنيه..
ودون أن يبعد إياس أصابعه التي كادت تخترق ذراعها عنها.. نظر إلى إبراهيم ليكمل بنبرة أشد قسوة:
_عرف بنت أخوك أني لما بعوز حاجه بخدها، بمزجها او غصب عنها..

وما أن أنهي جملته... ونفض ذراعها عنه... ذراعها الذي أخذت تفركه بلين علها تخفف ذلك الألم الحاد عنه... ألم لم تظهره حتى في عينيها التي بقيت تواجهه بتحدٍ موازٍ لخاصته... وحينما شعرت تير أن قوتها على إخفاء ألمها ستنهار... وأبعدت مقلتيها عن مرمى عينيه... متحركة نحو الخارج وهي تكرر دون يئس:
_تبقي بتحلم برضوا... انا عمري ما اتجوز واحد زيك..

وكأنه لم يسمع جملتها الأخيرة و اهانتها الصريحة له.. تحرك خلفها معلقًا:
_استنى هوصلك..

عندها توقفت تير عن الحركة.. وراحت تجلس على أقرب كرسي قابلته مرددة بعناد غبي:
_انا مش همشي.. انا قاعده هنا..

اقترب أكثر منها... وراح يستند فوق أذرع المقعد الذي تعتليه... وأمام عينها تمتم بهسيس قشعر له بدنها:
_انا لحد دلوقتي مستثنيكي من تهديداتي.. اللي لو دخلتك فيها هتتمني طول عمرك اللي جي، الزمن يرجع بيكي للحظة واحدة بس تغيري فيها كل اللي هيحصلك..

وكما اقترب... استقام وابتعد تمامًا... تاركًا المكان بأكمله لها ولدقات قلبها.. قلبها الذي كاد يخترق صدرها... وعندما عادت تستجمع نفسها بدأت توزع أنظارها المذعورة بين الواقفين يتابعون في صمت وكأنهم غير موجودين...
لحظاتٍ من الصمت قضت عليها نسمة حينما نطقت بغضبٍ لم تخفه وهي تتحرك نحو السلم:
_أنا طالعة أوضتي أحسن..

أنتِ ملكًا لي.Where stories live. Discover now