الثنائيات المبدعة عبر التاريخ

971 43 9
                                    

  "قيادة الامم و خلود أدبها"

للتاريخ نكهة حين يخرج عن مساره في تسجيل آثار الحكّام وأعمالهم الحربية، أو إنجازاتهم العمرانية التي شيّدت على أجساد الضحايا.

نكهة  التاريخ  تتجلى في تلك الثنائية بين قادة أوصلوا أممهم الى الرفعة والمجد، ومبدعين خلدوا تلك الأزمنة بما أنتجوا من أعمال بقيت شاهداً .

علاقة القائد الكبير بالمبدع الكبير، لم تكن علاقة منفعية أو تابعة، إنما علاقة متكافئة ، وإن كان كلّ منهما يؤمن بقدرة الآخر على العطاء.

تآلفت تلك العلائق بالاختيار الطوعي، فلا القائد بقصد الخلود ولا الأديب بقصد الرضا، وربما لم يلتق أحدهما بالآخر الا لماماً وبمناسبات متباعدة .

عاش البعض في أزمنة مختلفة  أو لم يلتقيا أصلاً ،لكن معادلة قامت بين الإثنين: القائد يلهب خيال المبدع بأعماله، فيجسّدها المبدع بأعمال تُسجل شهادة على تلك الأزمنة .

أما أبرز الثنائيات عبر التاريخ، فقد تمثلت:

1ـ الاسكندر المقدوني / أرسطو

أرسطو أول من وضع نظرية (الأمّة القائدة) أي ان هناك شعوباً خُلقت للقيادة والسمو، وشعوباً خلقت للعبودية والتبعية، انها ثنائية الخلق ومشيئة الطبيعة كما يذهب. كان معلم الإسكندر المقدوني ، واليونان حينها، في ذروة صعودها الفكري والحربي، ما خلق انطباعاً عندهم بأنها معلم البشرية ومنقذها.
في الزمن / الذروة، جاء الإسكندر المشبع بنظريات أستاذه أرسطو، وشجاعة  والده المحارب (فيليب المقدوني) الى حكم مقدونيا، لينطلق بعدها الى توحيد مدن اليونان ثم فتوحاته لبلدان عديدة .

ليس مهماً ان كان الإسكندر قد استلهم نظريات معلّمه أولاً ، أم أن أرسطو كان قد استقى نظريته من فتوحات تلميذه، فقد اندمجت العبقريتان  في زمن واحد .

2ـ يوليوس قيصر / فرجيل

يوليوس قيصر، قائد خلّده التاريخ رمزاً لعبقرية القيادة، وجعل من قاتليه مثالاً للغدر، قيل انه لم يلتق بفرجيل قط رغم انهما عاشا في زمن واحد،.

فتوحات قيصر وانتصاراته ، قابلها (فتح) من نوع آخر، فقد وضع فرجيل ملحمته الخالدة (الإنياذة) التي تروي قصة أمير طروادي يقود ماتبقّى من شعبه بعد سقوط طروادة، ثم يبني به إمبراطورية عظيمة .

الشعوب العظيمة، لابدّ ان تنهض من جديد، خالقة بواعث قوتها وأبطالها ، تلك هي  خلاصة (الإنياذة). شعب مقهور قاده بطل (اسطوري) ، هو ذاته الذي أنجب قائداً عظيماً أسمه يوليوس قيصر.

3ـ الإمام علي / ابو الأسود الدؤلي

لم يخل تاريخ العرب من هذه الثنائية، خاصة مع ظهور الإسلام، لقد إجتمع خليفة العالم الإمام علي ، مع الأديب العالم أبو الأسود الدؤلي ، في عصر كثرت فيه الفتن واشتدت المطامع.
كان قد تبعْثر اللسان العربي في تعدد القراءات والتفسيرات لآيات القرآن الكريم، أوشكت  فيها المعاني أن تذهب الى ما يزيد تفرقة المسلمين.

قطاف حولنا... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن