~ قرار ~

9.6K 690 798
                                    

(لوجين)

هل جربت في يوم وسط ضجيج عال ان تضع يداك على أذنيك فجأة؟.. انه شعور سيجعلك كالأبله بينهم.. سيتحدثون اليك؛ يسألوك؛ يضحكون على صمتك.. ولكنك لن تبادلهم اياً مما مضى.. لن ترد سؤال ولن تشاركهم ضحكة.. انت ببساطة ستكون شبه مغيب عن الوعي بجزء معين من دماغك وواعي جداً في الجزء الاخر.. انا ببساطة كنت هكذا!
ضجيج السوق كان يشوش لي مسامعي ويقاطع لي حروفي.. ولكنه اختفى الان فجأة؛ لا اعلم هل شاركوني صمتي ام ببساطة انا التي اعد اسمعهم.. شفاه رسلان تتحرك ولكني لا استقبل اي شيء من حروفه.. لقد توقف بي الزمن عند جملته الاخيرة ويرفض الان ان يتحرك لأوافيه ببقية كلماته.. لا اعرف كيف اوصف المشاعر التي تعصف بي الان؟.. هل انا سعيدة؟ لا؛ ربما خائفة.. او من المحتمل اني لا اعرف ما يحصل لي بالضبط.. ربما هو مجرد حلم جميل فحسب!

-لوجين؟ هل انتِ معي؟

سألني رسلان بينما يلوح بيده امام وجهي المصدوم لأرد بغباء:

-هل من المفترض ان اكون كذلك؟

لم يبتسم لبلاهتي بل اكمل بجديته التي تشعرني بمدى سذاجتي دائماً:

- يمكنك ان تذهبي الان بدل ان يراك كامل هنا..

فقلت فوراً باعتراض وكأني ادركت الامر:

-لحظة لحظة.. هل تدرك ما سيحصل ان ادرك كامل انك  تريد ان نعقد قراننا؟

-هذا الامر لن اناقشه الان معك.. سأحضر ابي ليلاً ونناقش التفاصيل مع العم عادل..

ولا تزال عيناه المستاءة طوال الوقت وحاجبيه المقطبة تأسرني.. ألا يملك هذا الفتى غير الجدية بحياته؟.. ربما لو كان مراهق ساذج اخر ما كنت ادمنته بهذا الشكل!

-لوجين هل تسمعين ما اقول ام ماذا؟

-أ أجل..

-فما بالك لا تردين؟!

كانت هيئتنا تبدو كمعلمة تحاسب طالبة اهملت واجبها المنزلي.. كانت نبرته جادة وملامحه اقرب الى العصبية.. في الحقيقة هذا الشيء من حقه فالمصيبة التي نحن بخضمها تستحق جدية مماثلة ولكن عقلي الساذج لا يزال متوقف لدى اخر جملة استقبلها.. " ان نعقد قراننا انا وانتِ"..

-حسناً.. حسناً فهمت..

اطلق زفير حاد من انفه وهو ينظر لي باستياء؛ فإن كان هناك شيء بي يستفز رسلان فهو كوني –وحسب المعجم العراقي- "فاهية"!..
ال"فاهية" هو مصطلح يطلق على تلك التي تفهم الحكاية متأخرة؛ والتي يتجهز الجميع للخروج وهي لا تزال تبحث عن حذائها الذي لم تعرف اين وضعته اخر مرة؛ وتلك التي توصيها ان تحضر لك كوب ماء فتذهب الى المطبخ وتعود بعد عشر دقائق تسألك عما وصيتها فقد نسيت.. تلك هي انا بالضبط.. لذلك ببساطة ومنذ صغرنا هذا كان إحدى القابي لدى رسلان!

1999 (مكتملة) الاسم السابق لها(حب في الزمن البائد)Where stories live. Discover now