الفصل الرابــع

18.2K 415 4
                                    

الفصـل (4) :-

بمجـرد أن دلفـت " أسيـل " إلى المنـزل وفتحت الأنـوار .. شعـرت وكأنها اضـاءت أنـوار جهنـم حول روحها هي !!!! ..
نظـرت امامـها مبهوتـة وهي ترى زوجها المصون " جاسـر " يجلس على الأريكة يضـع قدم فوق الاخرى ...
وقد تكلفت ملامحـه بأرسـال رعشة قلقة من مظهـره الغاضب .. عينـاه السـوداء التي تتدفق حنانًا دومًا وهي في أسوء حالاتهـا !!!!
تقدمـت منه ببطئ تبتلـع ريقها بمرارة خالصـة .. وفي الحقيقة هي لا طاقة لها بجدال الان ...
تلك المواجهة التي ستجريـها مع " عبدالرحمن " قريبــًا تستهلك كل طاقاتهـا في التفكيـر بحنق من نفسها قبله !!
ترددت كثيـرًا قبل أن تهتـف بهدوء مصطنـع بينما داخلها يرتعد خوفًا :
-إية ده أنت صاحي
إلتـوى فاهه بابتسامة ساخـرة قاسية كنبرته وهو يـرد :
-اه، اصلي رجعت من الشغل لقيت مراتي الحلوة مستنيااني مش عارفة تقعد لحظة من غيـري
حاولت استجمـاع اتزانهـا وهي تخبـره :
-كنت في مشـوار ضروري
كانت تلك كالقشة على البعيـر تحركه بقوة، فانهـض مسرعًا وبلحظة كان يقبض على ذراعها بقسوة يهدر فيها حانقًا :
-والمشوار ده ماكنش ينفع تكلميني تقوليلي عليه، على الاقل ابقى عارف
حاولت الإنفلات منه متأففة بضجـر بات ينفذه قواه المسيطـرة على نفسه :
-يووه يا جاسر، هو احنا اللي هنعيده هنزيده، قولتلك مابحبش التحكمـات دي خالص، من فضلك خليك في حياتك وخليني أنا في حياتي
هـز رأسـه نفيًا ثم أخبرهـا بصلابة لاذعة تليق به :
-لا .. ابدًا، احنا حياتنا واحدة، من يوم ما أبوكِ سلمك ليا واحنا حياتنـا واحدة ومش هتبقى غير كدة
هـزت رأسهـا نفيًا .. غل ذاك ما يغلي بين أوردتهـا .. لهيب التمرد أشتعل حول روحها المستعـرة .. وحقد الشهـور الذي كُتـم بداخلها لشهور .. تدفق وسط حروفها المسمومة وهي تصرخ فيه :
-مابحبكككككش .. بكرهك افهم انا بكرهك مش عايزاااك .. مش بطيقك
كلامهـا كان كسيف مسمـوم مميـت إنغرز بقلبـه المشقق ... الحقد الذي يشتـد في عينيها كان سهامًا تنطلق لتكسـر اي رابط للأمل تكون داخله !!
قلبه كان يرتجـف داخليًا من الألـم .. يرجوها أن تتوقف عن تحطيمـه .. تعذر دقاتـه الضعيفة التي لا تنبض إلا لها ..
ولكنها لم تعيره اهتمام وهي تكمل سيلها القاتـل دون رحمة :
-اتجوزتك غصب عني .. حياتنا مش واحدة ولا عمرها هتكون واحدة، انا مابحبكش .. ولا عمري هحبك ولا عايزاك، حياتنـا طول عمرها مرفوضة بالنسبالي .. ياريتك ماشوفتني ولا اتقدمتلي يا شييييخ
ثم اصبحت تضـربه بقبضتها على صـدره الذي كان يهتـز تضامنًا مع قلبـه المرتعش بألم وهي تتابـع بهيستيريا :
-دمرتني .. دمرت حياتي، كل ده عشان عجبتك، يا شيخ ملعون ابو الجواز اللي غصب ده، أنت اكتر انسان بكرهه في حياتي .. وماظنش إني هكره حد اده ابدا ... ابدًا !!
تخازلـت قبضتهـا لتتركها وهي تكاد تسقط ارضًا بهذيـان .. حالة غريبة من الثـوران للسكـون التام كنقطـة في عرض البحر !!!
واخر شيئ همسته :
-أنا موجوعة .. أوي
هنا أمسك بها ويـده تقيد خصرهـا بقوة متملكة وهالكة .. يشدها نحوه حتى ألصقها به، ينظـر لعينـاه التي اشتـدت بالقهر الممزوج بالكـره ... ليحتضنها اكثر مشددًا على حروفه وهو يخبرها بصوت متألم :
-وانا موجـووع .. أوي أوي .. اكتر مما تتخيلي
رفعت رأسها تنظـر لها مستفهمة .. ليقابل تساؤلها بقبـلة عاصفـة .. كريحًا هبت على شفتاها الباردة ترطبهـا .. يلتهمها فيها بنهـم وجـوع لطالما كبته داخله ...
حاولت التملص من بين ذراعيـه .. ولكنه قيدها بقوة ليلصقها به اكثر حتى باتت تستشعر سخونة جسـده الحارق من اقترابها هكذا ولأول مرة ...
ابتعد بعد دقيقة يلتقط انفاسه التي كادت تهرب بين شفتاها .. بينما عيناه لم تنحدر عن شفتاها المتورمة قليلاً !
تنهـد بصوت عالي .. بينما هي حاولت إبعاده وهي تهمس لاهثه بحنق :
-أبعد أنت آآ ...
وايضًا إبتلـع باقي حروفها بين شفتـاه .. يحاول أن يروي ظمأه الذي يبدو انه لن ينتهي منها .. يتذوق رحيق شفتاها الذي لطالما حلم به ...
وفقد سيطرته على نفسه بالكامل !!!
نسى نفورهـا ورفضها .. تغاضى عن تشنج جسدهـا تحت لمساتـه .. زال سهم عيناها السـام ..
وشفتـاه تقـرع طلبًا للمزيـد .. وجسـده يستعـر بنار الشـوق للأكثـر .. رغبته الحارقة فيها تزداد أكثر فأكثر .. وهو بات أكثر من ملبيًا للنداء .. فاصبحت شفتاه تختم ختمها الثمين على رقبتهـا البيضاء .. وكتفها الذي ظهر ما إن أبعد قميصها عنه .. يلتهم كل جزء منها وهو يلصقها به اكثر .. بينما هي متبلدة بقهر .. يأست من ابعاده فلم تجد سوى الاستسلام المميت لها !!!
وصلهـا غمغمتـه الخشنة بوضوح وهو يكمل التهامها :
-أنا موجوع .. من رفضـك .. من النار اللي بتقيد جوايا عايزاكي .. من ايدي اللي بتموت كل يوم وهي مش قادرة تضمك ليها .. من جسمك اللي بيقشعر كل ما ألمسك .. موجوع منك أكتر من اي حاجة
أغمضـت عيناهـا لتهبط دمعة يتيمـة على وجنتاها فتسقط على شفتـاه التي كانت تأكلها اكلاً .. ثم زجته برفق وهي تهمهم بصوت مبحـوح :
-أبعد عني .. مش مستحملة لمستك .. مش مستحملة ايدك على جسمي .. نار بتاكلني لما بتقرب مني .... همـوت !
وكان ذلك كفيل أن يجمد شفتـاه على أسفل رقبتهـا .. تصلب جسده كله بقسـوة .. رفـع نفسه بصعوبة ينظر لها .. ويا ليته لم ينظر فيقابل نظرتها تلك التي ذبحته بكل برود وقسوة !!!!
ابتعد عنها ببطئ شديد رافضًا أي نداء لقلبه، لتغادر هي .. بكل بساطة غادرت دون كلمة .. وكأنها شعرت بكفايته مما قالت !!!!!

استسلام غير معهود (مواجهة الاسد ج2) بقلم/رحمة سيدWhere stories live. Discover now