2: ختم الرّوح و بداية الرحلة

37 1 0
                                    

لم ينج من تلك الكارثة سوى خمسة آلاف مواطن من سكّان تلك المملكة، و خلّد ذاك اليوم في التّاريخ تحت مسمّى "كارثة المجزرة" و لقّب ناجو ذلك الجيل بـــ شباب البعثة، إذ وهب الشّباب النّاجي قدرات و مواهب جديدة حتى أنّ المؤرخين دعوهم بالجيل الذهبي...

في ذاك القصر الشّامخ المترف المطوّق بالغابة الفيحاء و البروج المقببة، و بالتحديد في قاعة ذهبية توسطها عرش مخملي مزين بالجواهر، قعد وورلد غائر العينين، فاغر الفاه، كأنما روحه فارقت جسده و تركته يعاني البؤس و الشقاء، بينما هالة من السّواد تطوّق ذاك الجسم الميت...

تربّع أمامه امرأتان و ثلاث رجال، بينما على يمينه يقف جويل رفقة رجل كهل قد كسا الشيب رأسه دالّا على هيبته و مكانته العظيمة إضافة الى حكمته و عدله...

تحمحم الأمير المنفيّ قليلا ليباشر قوله: اعتقد اننا يجب ان نجد حلا لهاته المصيبة، الخسائر جسيمة للغاية و تقدّر بمليوني نسمة... من الجانب الإيجابيّ، هناك تفجّر في مستوى طاقة الشّباب الناجين من مملكتنا ما بين الرابعة و السّتة عشر سنة... كما ان سلسلة الكوارث قد جذبت انتباه الدّول المنافسة، و إن تسرّبت أخبار عن عدد الضحايا، أخشى أنّنا سنكون لقمة سائغة لهم خصوصا لمنطقة مملكتنا الإستراتيجيّة و تعدّد مواردنا الأوّلية و المنجميّة إضافة إلى خصوبة أراضينا و الكنوز المقدّسة المخفية فيها... فمن منكم لديه فكرة؟

صاحت من إحدا المرأتين الّتي لا يدلّ مظهرها عن كبر سنّها إطلاقا: كفاك عن اللّفّ و الدوران جويل؛ نحن نواجه كلّ هذه المصائب لكنّنا ما نزال نحمي الوحش المتسبّب بكلّ هذا الدّمار... قتلت ابنتي لكن لا أحد يحرّك ساكنا؛ لن تعود جنفيف بعد اليوم، لن يقدر أحد على إعادة ملاكي الحبيب! لقد كانت ملاذي الوحيد بعد موت الملك السّابق، كيف لي أن أعيش بعد اليوم! كيف؟

قاطعتها الشّابّة الحسناء بجوارها محاولة تهدئتها قليلا: هوّني عليك أمّي! لا تنسي أنّك الملكة الأمّ لهذه المملكة، "تيارا كينغستن"... زوجة الملك السّابق "إيستر نولدج" و أمّ الملكة الرّاحلة "جنفيف نولدج"...

لم تكد تكمل كلامها حتّى صفعتها أمّها مبعدة يديها عنها: ماذا تعرفين "أوبراي"؟! أكاد أجزم أنّك ترقصين فرحا لموتها...

ترقرقت دمعات في عيني أوبراي ليعانقها الشّابّ الواقف جوارها، زوجها النّبيل، "إكسيل داركنس" محاولا تهدئتها، فالمعروف أنّها كانت طفلة شديدة التّعلّق بأختها رغم مظهرها الهادئ...

بينما وورلد لم يحرك ساكنا كأنّما هو في عالم آخر، جويل ترقرقت دمعة في عينيه دليلا على أسفه لمأساة عائلته، أما الرجال الثلاث الآخرون ظلّوا صامتين منتظرين بدء نقاشهم...

صراع توأم الروحWhere stories live. Discover now