"على الأقل...."
ويا لها من سنين، سنين طويلة من الدم واللحم، سنين طويلة جنبًا إلى جنب مع الدرع والسيف وقربة الماء. من معركة لمعركة، ومن قتال لقتال.
سنينٍ طويلة سيدي المحارب، سنين طويلة قضيتها قاتلًا هذا ولاعنًا ذاك. سنين طويلة غطست فيها في بحرٍ لا ينتهي من الدماء. سنين طويلة.
"على الأقل...أريد..."
اليوم هو يوم ميلادك المئة سيدي...فما أنتَ قائل؟
"أريد معرفة اسمك..."
أخيرًا، وبعد ثلاثين يوم تمامًا، انتهت تلكَ المعركة الملحمية، سقطت راية أحد الطرفين، وسينتهي القتال.
الجثث المتعفنة التي لم يستطيعوا دفنها مبعثرة في كل مكان، رائحة قوية كريهة انبعثت مع امتزاج ماء الأمطار الساقطة قبل أربعة أيام مع التراب والدماء واللحم والفطر. الأرض لا تزال مبللة، بلون بني داكن ممتزج بالأحمر. والسماء معتمة.
لا غبار متطاير في الهواء، فبلل التراب يجعله عالقًا في الأرض، ولا يوجد الكثير من القتالات أو الأحصنة حيث قل عددها بشكلٍ كبير نهاية المعركة.
ولكن السيد محارب لازال واقفًا، مائلًا بجسده فوق أحد الجنود، واضعًا رأس سيفه فوق صدره.
لا يعرف السيد محارب من هو الشخص الذي سيقتله الآن، ولايعرف لأي طرف ينتمي، لأن السيد محارب لاينتمي لأي من الطرفين. السيد محارب يدخل أي قتالٍ أمامه ويقتل لينتصر ثم يذهب للآخر.
لأنه السيد محارب.
شعر بلونِ أوراق القيقب الحمراء المحترقة، وبشرة نحاسية داكنة سببًا لتقبيل الشمس المستمر لها، جسد ضخم مليء بالعضلات، ودرع فضي وجده في أحد السفن الغرقة، سيف بطوله وعرضه.
"على الأقل، دعني أعرف اسمك.... اسم قاتلي"
توسل الجندي تحته، مَن رطَّبت دموعه التراب الملطخ وجهه.
تأخر المحارب برده، وتأخر بقتله، شعر الجندي كما لو أن قلبه سيمزق صدره خارجًا، موته قادم في أي لحظة، سيخترق ذاك السيف المهيب جسده. ويخرج روحه غصبًا.
بدا له الأمر كما لو أن السيد محارب...ملك الموت.
"محارب" صوت عميق، هادئ امتلكه السيد محارب، وكما يخترق سيفه قلوب البشر حرفيًّا، يخترقها صوته معنويًّا.
"محارب..يا له من اسم مناسب.." تمتم الجندي بابتسامة ودموع أكثر تملأ وجنتيه. وبعد لحظات دون أي حركة من السيد. تحولت ابتسامته لعبوس غاضب "ما الذي تنتظره؟ اقتلـ..."
ولكن القدر لم يسمح له إكمالها، فلقد اخترق سيف السيد محارب جسده بالفعل.
YOU ARE READING
سلسلة اللاشيء: السيِّد محارب |
Fantasyخمسة وثمانون سنة قضاها السيد محارب في رحلته. وها هو يوم ميلاده المئة، فكيف سينهيه؟ -
