2- العرض!

5.1K 107 2
                                    

وصل براد في الساعهالمحدده وتمنت ليزا وهي تفتح الباب له ان يكون توترها قد زال بفضل ادوات الزينهالتي استعملتها بعنايه بالغه. واستقرت عيناه في اعجاب على كتفيها المرمريتين وقداحاطت بهما فتحه الثوب الاسود العميقه الاتساع. ثم تحول ببصره الى الغرفه.
" انهمكان صغير لطيف. اوك في الخارج اليس كذلك؟ "
" نعم. لحظه واحده لاحضر حاجياتي "
قال براد وهو يساعدها على ارتداء معطفها:
" من الغريب اننا حتى الامس لايعرف حدنا الاخر "
ثم اضاف هامسا وهو يعدل وضع ياقه المعطف:
" انني مسرور ياليزا لأنك قررت زياره (ورال) اليوم بالذات دون بقيه الايام "
وتحركت برقه مبتعدهعنه منشغله باغلاق ازرار المعطف وعندما نظرت اليه كان يتأملها مبتسما. وبدا فيالبدله الداكنه متلفا بعض الشيء عن الرجل الذي التقت به عصر هذا اليوم. كان اطولقامه وربما حتى اكبر سنا. وفجأه وبلا سبب تمنت لو كانت اختلقت عذرا لعدم المجيءعندما كانت الفرصه متاحه فقد كان في هذا الرجل شيء ما يضايقها ويجعلها تحس بأن هذااللقاء دبره القدر. قالت:
" هل انت من لندن؟ "
اتسعت ابتسامته وقال:
" انهدورك في الاستجواب اليس كذلك؟ سأخبرك..نتناول العشاء اولا وبعد ذلك اخبرك كل شيء عننفسي "
وذهبا الى احد مطاعم (بيكاديلي) لم تكن ايزا قد دخلته, اما براد فقد كانمن الواضح انه وجه مألوف في المطعم الفاخر وتركت له اختيار قائمه الطعام وتأملتارجاء المكان. كان تقليديا رائعا على مستوى رفيع للغايه. لاعجب اذا في ان احدا لميأت بها الى هنا من قبل. وانتهيا من تناول الطعام الفاخر, ورفضت ليزا ضاحكه انتتناول الحلوى, لأنها قد امتلأت. واسترى براد في المقعد وتأملها وقال:
" علىالاقل تبدين الان اكثر سعاده عما كنت حينما فتحت لي الباب. هل استطيع ان ارجع الفضلفي ذلك التغيير لرفقتي "
عضت ليزا شفتيها وتشغالت بالنظر الى فنجان القهوهامامها ثم سألت:
" هل كان الامر ملحوظا؟ "
اطلقت العنان لدموعها كما المرأهدائما. وتأملها لحظه في صمت قبل ان يستطرد:
" كتفي على استعداد لأن تستقبل بكاءكاذا رغبت بذلك يا ليزا...ومهما كانت همومك فان الافضاء بها يخفف عنك "
" لااستطيع..لن يكون ذلك عدلا "
" بالنسبه لك ام بالنسبه لي؟ اذا كنت المقصود فانسيذلك وكما قلت لك انا احب ان اساعدك اذا استطعت "
" لماذا؟ لماذا تريد انتساعدني؟ "
ورفعت عينيها الى عينيه متعمده. وحرك كتفيه العريضين وقال:
" يمكنارجاع ذلك الى الاحساس الشخصي. ان لكل شخص مشاكله يا ليزا "
وشردت ليزا بأفكارهالكن مشكلتها مختلفه. وساد الصمت بينهما ثم قالت:
" وعدتني بأن تخبرني كل شيء عنك "
وتقبل تغيير الموضوع بلا اعتراض وقال:
" وعدتك بالفعل. حسنا ولأبدأبالاجابه عن سؤالك السابق. كلا انني لا اعيش في لندن انني هنا للعمل من يوركشاير. من المنطقه المعروفه بالوديان "
صاحت بدهشه:
" الوديان, تصورت دائما ان وديانيوركشاير عباره عن مستنقعات "
" ذلك شأن بعض اجزائها لكننا متحضرون للغايه. منالواضح بأن لم تتوغلي شمالا. اين كنت تعيشين قبل مجيئك الى لندن؟ "
" في اكسفورد "
ونظرت اليه واستمرت تقول:
" كنا نتحدث عنك انت "
ورمقها بنظره ثمقال:
" هذا صحيح. دعينا نكمل..انني اعيش في ايردال بالقرب من مكان يدعى سكيبتون. وابلغ من العمر اربعه وثلاثين عاما. وعملي هو مهندس معماري. ومما اخبرتني به عصراليوم اجد ان هناك شيئا مشتركا بيننا. ما هو عملك بالضبط؟ "
" انني اعملخطاطه"
ورمقته باهتمام جديد واستطردت قائله:
" كنت اهدف الى ان اصبح مهندسهمعماريه "
" وما الذي غير فكرك؟ "
" الظروف. اكملت من دراستي عاما واحدا, والعمل الذي اقوم به الان هو اقرب شيء ممكن الى املي الحقيقي "
وبالصراحه التيبدأت تتوقعها منه سأل:
" وما هي الظروف التي حطمت خططك؟ "
وفجأه وجدت نفسهاتسرد عليه قصه حياتها واصغى اليها باهتمام ثم قال:
" وهكذا جئت الى لندن ووجدتلنفسك عملا واستمريت في رعايه اخيك...ماذا يعمل بالضبط؟ "
وكانت ليزا خلال النصفساعه الاخيره قد حاولت ان تنسى المشاكل التي تعصف بها لكن المخاوف تثقل على قلبها. برغم من ذلك اجابت بهدوء:
" مسك الدفاتر...."
ورشفت ما تبقى من فنجان القهوه وفاتت عليها رؤيه ما طرأ عليهمن ضيق مفاجئ ثم قالت:
" عندي احساس يا براد بأنك لا تريد ان تحدثني عن نفسك. انك بارع في تغيير الحديث. يبدو اننا لم نتحدث منذ التقينا الا عن نفسي "
" لااستطيع ان افكر في موضوع افضل في اية حال. ما الذي تريدين ان تعرفينه عني؟ "
" مثلا..كيف تعرفت بالزوجين مارتشبانك؟ "
" كانا يعيشان في ايرادال, كانا منجيراننا لكنهما سافرا منذ ثلاث سنوات الىاميركا زاشتريا (ورال) عندما عادا الىالوطن منذ بضعه شهور "
" انه بيت بديع "
" لقد كان كذلك في يوم وسيستعيدروعته حين الانتهاء من عمليات الترميم والزخرفه. اعجبت كثيرا بكميه العمل التيانجزت في المكان حتى الان. وكما قال والتر فان عمليه الترميم قاسيه ماديا ومعنويا. لا يمكن ترميم جزء وترك الباقي. حاولت ذلك بنفسي ولم انجح "
وتضاعف اهتمامهاوسألت:
" هل تعيش انت ايضا في بيت قديم؟ "
قال:
" بيت نورتون في فارليعمره اكثر من خمسمائه عام "
" قديم الى هذا الحد؟ ارجوك حدثني عنه "
وابتسممن جديد وهز كتفيه وقال:
" لست بارعا في رسم الصور بالكلمات..ما الذ يمكن اناقوله عنه؟ انه الطراز التقليدي لمباني العصور الوسطى. بيت على مستوى رفيع من بدايهالقرن الامس عشر. لماذا تضحكين؟ "
" تبدو كمرشد سياحي في جوله "
" تمرنت علىذلك كثيرا. نفتح ابوابنا للناس خلال عطلات نهايه الاسبوع الصيفيه, ربما تكتبين عنافي يوم ما تحقيقا "
" اشك في ذلك. لا اعتقد انني سأجد نفسي في ذلك الجزء منالبلد "
" ان للقدر طريقه في تدبيير الامور "
واستقلا السياره في طريقالعوده. اقد مرت الامسيه بسرعه شديده. استطاع براد ان ينتزعها من الدوامه التي تعيشفيها وان ينسيها امر ريك لفتره. كانت تحب ان تعرف عنه اكثر من ذلك لكنه اذا كان فيلندن لسبب معين فمن المشكوك فيه ان تتاح لها هذه الفرصه. وسأل براد عندما وقفبالسياره امام المبنى حيث شقتها:
"هل تعتقدين ان اخاك عاد؟ "
والقت ليزا نظرهعلى ساعتها وردت:
" اشك في ذلك "
واوقف محرك السياره ونزع المفتاح وقال:
" اذا فسأوصلك حتى باب الشقه "
وادار رأسه ولمح تعبير وجهها وابتسم مستطردا:
" حتى الباب فقط يا ليزا ليس لدي هدف ابعد من ذلك. اعدك "
وامسك بذراعها وهمايصعدان السلم. كانت لمسه يده رقيقه ودافئه. وحين وصلا للشقه انطلقت كالعاده تبحث فيحقيبتها عن المفتاح. وتأملها في شيء من الاستمتاع وقال:
" علماء النفس يقولونانه يمكن معرفه الشخصيه من الاشياء التي يحملها. احب ان ارى شخصا يخرجك من كل تلكالاشياء الكثيره! "
واخذ منها المفتاح وفتح الباب. وفي الوقت نفسه فتح البابالداخلي فجأه ووقف ريك على عتبته وحملقت ليزا بدهشه وقالت:
" ريك متى عدت؟ "
رد بجفاء:
" منذ ساعات. لم اكن اعرف انك كنت تفكرين بالخروج "
" لم تتحلي الفرصه لاخبارك "
واحست فجأه بأنها لن تتحمل البقاء معه بمفردها والدخولثانيه في المجادلات القديمه وسماع الردود نفسها والتفتت نحو براد وقالت:
" هلتحب ان تدخل لتشرب القهوه؟ "
" نعم ارغب في ذلك "
وخلعت ليزا معطفها في غرفهالجلوس وتحركت في اتجاه الباب المؤدي الى المطبخ الصغير قائله:
" سأعود بالقهوه "
لكن ريك استوقفها قائلا:
" اليس في نيتك ان تقدميني الى صديقك؟ "
واستدارت محتقنه الوجه وقالت:
" بالطبع انا آسفه براد هذا هو اخي ريك. ريكهذا هو براد لي نورتون. تفضل بالجلوس يا براد. لن اتأخر في احضار القهوه "
وكانتحركاتها في المطبخ آليه اما اهتمامها كان مركزا على همهمة الاصوات المنبعثه منالغرفه. ولم تستطع ان تتبين الكلمات بوضوح لكن كان واضحا ان الرجلين وجدا الكثير منالكلام المتبادل.
وعندما عادت بدا جليا ان النقاش انتهى. كان ريك جالسا بجوارالمدفأه وظهره لها وكان براد جالسا في الاريكهالمقابله.
وتناول الفنجان منها دون ان يتكلم وكان واضحا ان شيئا ماازعجه. واستبد بها احساس قوي بان براد فهم اكثر مما كانت تعتقد من القليل الذيسردته عليه هذه الامسيه عن مشاكلها وان عرضه المساعده عليها لم يأت من فراغ. وقالتلنفسها انه ليس من حقه ان يحاول اكتشاف اكثر مما كانت تتمنى ان يعرفه. وتنفستالصعداء عندما رفض براد فنجانا ثانيا واعرب عن رغبته في الانصراف. ولم يرد ريك علىتحيته ورافقته ليزا الى الباب وهي تشعر بالخجل من تصرف اخيها وسألها براد حينماوقفا على رأس السلم:
" نلتقي مساء الغد. هل تحبين المسرح؟ "
وترددت واحستبالتمزق بين رغبتها في ان تراه ثانيه وذلك الشعور الذي يساورها بأنها يجب الاتستمتع بمباهج الحياه في وقت يقف ريك على حافه كارثه. ومع ذلك اذا بقيت في البيتفما الذي يمكن ان تفعله؟ ان المساعده التي تنتظرها لن تأتي اذا لم تتحرك. وبرقت هذهالفكره فجأه في ذهنها. المساعده التي يحتاجان اليها ربما كانت تقف هنا امامها. وذعرت في الحال هل كانت تنوي ان تطلب قرضا من رجل لم تعرفه الا منذ عده ساعات. ربماكان يريد ان يساعدها ولكن خمسمائه جنيه كانت مبلغا كبيرا ومن الصعب ان تتصور احدايمكن ان يقدم لشخص لا يكاد يعرف عنه شيئا ولا يملك ما يغرضه ضمانا. وافاقت منشرودها على صوته:
" ليزا هل سمعت ما قلت؟ "
" نعم يروقني ان اذهب الى المسرحمعك "
وانفرجت اساريره بابتسامه وقال:
" اذا سأبتاع تذكرتين وسأمر عليك فيالسابعه. طابت ليلتك يا ليزا "
وظلت تراقبه حتى اختفى ثم دخلت الشقه واغلقتالباب. ورمقها ريك متفحصا البريق في عينيها والابتسامه على شفتيها وقال:
" ستقابلينه ثانيه. من يكون؟ "
" مهندس معماري من يوركشاير قابلته عصر اليوم فيقصر (ورال) "
" لم يع وقته اليس كذلك؟ ما الذي اخبرته عني بالضبط؟ "
واستدارتلتلتفت اليه وقالت:
" لا شي لماذا؟ ماذا قال لك بينما كنت في المطبخ؟ "

من اجل حفنة جنيهات - كاي ثورب - عبير القديمة Where stories live. Discover now