الفصل الثامن

9.8K 290 0
                                    


في منزل عاصم

شعرت حنان بالملل الشديد ، فتركت مذاكرتها ونهضت لتدلف إلي الشرفه ، ثم وقفت تتابع الماره بشرود ، فهي الآن تعتبر وحيده ، توفي الأب وتركتهم الأم ، والأخت قد تزوجت وتزورهما كل حين ، وعاصم دائما في عمله منشغلاً ، وتظل هي في المنزل تذاكر أو تنام أو تقوم بالأعمال المنزليه لم تجرأ علي الخروج بناءاً علي تعليمات أخيها ، تخرج فقط للذهاب إلي مدرستها ثم تعود بعد ذلك إلي ذلك البيت الذي يكون خالي دائما لا يوجد فيه سواها، .....
ظلت واقفه فخطر ببالها أن تخرج لتشتري حلوي حتي ترفه عن نفسها قليلا قبل أن يأتي أخيها ، بالفعل ، خرجت من الشرفه سريعا ثم إرتدت عباءتها السمراء ولفت طرحه بطريقه عشوائيه ، ثم خرجت تسير بهدوء وتستمتع بذلك الهواء النقي وتأخذ نفسا عميقا وعيناها تزوغ يميناً ويساراً ، ظلت هكذا ، إلي أن وصلت ، إلي سوبر ماركت ما يسمي بالعاميه (بقال) .. وقفت تنتقي أنواع الشيبسي المفضله لديها وبعض البسكوتات ، بينما كان يراقبها ذلك الشاب باهتمام وعلي وجهه إبتسامه ، إتسعت إبتسامته تدريجيا حين أقبلت عليه وهي تقول بصوت رقيق أنثوي :
- كده كام لو سمحت ؟
نظر ذلك الشاب يس في عينيها الجميلتين ليسرح فيهما ، بينما توترت حنان بشده وهي تراه يحدق بها هكذا فقالت بصوت مرتعش: آآ لو سمحت!
إنتبه يس وتنحنح بإحراج وقال بهدوء: أؤمري يا ست البنات
إبتلعت حنان ريقها ثم قالت بارتباك شديد: آآ كام دول لو سمحت
إبتسم يس وقال: ببلاش عشان خاطرك خلي بقا
حركت رأسها نافيه وقالت: شكرا ، كام لو سمحت
تنهد يس بعمق وقال: ٥ جنيه بس
أعطته حنان النقود بيدين مرتجفتان من شده الخجل والإرتباك وسارت سريعاً مبتعده عنه بينما ظل يس يتابعها بعينيه إلي أن إختفي ظلها من أمام عينيه ، ثم تنهد بحراره وإبتسم ليحدث نفسه :
- زي القمر بنت الأيه

.............................
نهض الحاج محمود بصعوبه بالغه عن الفراش وهو يسعل بشده ، بينما أسرعت الست نجيه وهي تقول بلهفه: مالك ياحاج أنت تعبان يا اخويا ولا حاجه
إلتقط الحاج محمود أنفاسه وهو يقول بارهاق:
- مش عارف يا نجيه مبقتش قادر آخد نفسي ، وقلبي بقيت بحس أنه في ألم بيوجعني ديما
نجيه بقلق: لازم نروح نكشف يا حاج ضروري
أومأ محمود برأسه قائلا: ان شاء الله يا نجيه ، بس إبعتيلي حد لبيت أخويا سعيد يجبلي للدوا الي جابهولي أصله مستورد
نجيه بايجاب: حاضر ياحاج ارتاح أنت بس وأنا هبعت أي حد يجيبه
محمود: ماشي يانجيه
تحركت نجيه من أمامه ثم توجهت خارج الغرفه ، بينما كانت أميره تتشاجر مع شقيقها سالم ، فصاحت بهماو ..
نجيه وهي تقول:
- في ايه بتعملوا ايه
سالم بدلال: يا ماما كل شويه يغلسوا عليا
أميره بتذمر: ده واد قليل الادب يا ماما
نجيه بجديه: بس بس أنتوا الاتنين بلاش قله أدب ، واد يا سالم روح لحد بيت عمك قوله هات الدوا الي ابويا قالك عليه
سالم بلا مبالاه: لا أنا خارج ألعب مع صحابي ، ثم ركض سريعاً خارج البيت وظلت تصيح أمه وتهتف باسمه الا أنه لم يأبي بندائها وكأن شيئاً لم يكن
وبينما قالت أميره بقلق: هو بابا تعبان ولا حاجه ياماما
نجيه بتنهيده: اه شويه أنا هقول لسمره تروح تجيبه
أميره مسرعه: لا اأنا هروح يا ماما ، وبالمره أعد مع ساره شويه أصل كنت عايزاها تجبلي كتب دينيه وكده
نجيه بنفاذ صبر: ماشي بس بسرعه متتأخريش
أومأت أميره برأسها ومن ثم سارت سريعاً لتبدل ملابسها
....................
وصلت الي بيت عمها ثم دقت الجرس ودلفت لتصافح زوجه عمها وساره ، وبعد ذلك علمت أن عمها لم يأتي ولا زال في العمل ، فعزمت علي أن تنتظره بصحبه ساره
أميره بتساؤل: اخبارك ايه يا سو أنتي خارجه ولا ايه
ساره بابتسامه: لا ده أنا عندي درس وصحباتي جوه مستنين مستر عاصم
خفق قلب أميره بشده ثم قالت بتوتر: هو جاي قصدي أنتي قولتيلوا علي الكتب الي طلبتها منه
ساره: لا بجد نسيت عموما لما يجي هقوله
تنهدت أميره بتوتر وعدلت من حجابها الطويل ، وبعد قليل دق الجرس معلنا عن وصول عاصم ، فهبت ساره واقفه لتقول بسرعه: بقولك ايه هروح ألبس الحجاب بسرعه وافتحي أنتي ،
أميره بارتباك: استني بس ....
لم تمهلها ساره فرصه حيث ركضت الي الداخل ، بينما ابتلعت أميره ريقها وعضت علي شفتها السفلي وتوجهت بخطوات متمهله إلي الباب وفتحت بهدوء وعينيها تنظران في الأرض ، في حين تسمر عاصم مكانه حين نظر إليها ، خفق قلبه بشده لأدبها وجمالها وحجابها الطويل ، ولكنه أخفض بصره سريعا وهو يستغفر بخفوت وقال بثبات: السلام عليكم
فركت أميره كلتي يديها في بعضهما وقالت بخجل: عليكم السلام ، آآ اتفضل
دلف بهدوء فأقبلت ساره عليهما وهي تقول: اتفضل يا مستر ، مستر لو سمحت أميره بنت عمي كانت عاوزه كتب دينيه من حضرتك
رفع بصره إليها وقلبه لا زال يزداد دقاته وقال بصوت رجولي: كتب ايه يا آنسه أميره ، يعني في حاجه معينه عايزاها
رفعت أميره بصرها أخيرا وهي ترمش بعينيها عدة مرات ، حتي قالت بصوتها الناعم : آآ أنا كنت عاوزه قصص الأنبياء ، ونساء النبي
عاصم بهدوء: تمام ان شاء الله أبعتهملك مع ساره
إبتلعت أميره ريقها وهي تقول بتوتر: طيب ممكن أعرف بكام
منحها عاصم إبتسامه عذبه وهو يقول سريعا :
- خليها هديه مني وكفايه عليا الثواب الي هاخده لما تقريهم ، ولم ينتظر ردها حيث قال سريعاً:
- يلا يا ساره
دلفت ساره معه إلي حيث توجد الفتيات بينما جلست أميره علي المقعد وقلبها يكاد أن يخرج من مكانه ، بسبب هذه الإبتسامه الحذابه التي ارتسمت علي شفتيه .....

إبن الخادمه وسليلة العائلة -  الكاتبتين فاطمة حمدي و اميرة الشافعيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن