Ch 8

622 49 32
                                    

و كأنها بوسط مجزرة ... دماء !! رائحة الدماء لا تطاق ... ألم ! الكثير منه .. جسمها يتعرق و مكان الألام غير محدد .. ينتشر بجميع عظامها .. يتسلل الى روحها محاولا إحداث صدع عميق للغاية أكثر عمق مما يتصوره العقل البشري .. لما هذا مجددا !! لما هي هنا مرة أخرى .. هذا المكان الأبيض المخطط بالأسود .. يشبه السجن أكثر شيئ سجن لا نهاية له .. لا باب خروج و لا دخول .. لا قضبان و لا أرضية ... تدور كالعادة حول نفسها تحاول تحديد مكانها بالضبط ... ليخترق ذلك الصوت المتجرع لقطرات السم الحارق ... صوت لخص مدى ألم و بهتان روح صاحبه ... مدى فتور و وهن قوته ... مدى رغبته الشديد في الموت و الراحة من هذا الكم من الصخب و المآسي .. لكن الأكثر غرابة لها من هذا الصوت هو قربها من مصدره ... كان يبدو أكثر بعدًا من قبل بل بالكاد تستطيع تمييزه .. ماذا حدث الآن !! لما هو قريب بهذا الشكل المُقَشعِر للأبدان ؟ أدارت عينيها بجميع الإتجهات محاولةً معرفة مصدره لكن عبث لأنه منتشر بكل إنش من ذلك المكان .. فجأة شعرت بسكين يخترق صدرها لتشعر بحرقة قاتلة منعتها  من أخذ نفس تطفي به رغبتها الجامحة لتجرع الإكسجين ..

أخفضت رأسها بعيون جاحظة نحو مكان غرس تلك الأداة الحادة .. لتصدم أكثر بعدم وجود شيئ يخترقها ... لا سكين ... لا جرح .. لا دم ... لا شيئ بتاتا !! شعرت بتلك الأداة تسحب بعنف من صدرها لتغرس مجددا بجانبها الأيسر بقسوة و هيجان يدل على غضب صاحب هذه الطعنات ... سقطت أرضا متكورة حول نفسها بعد ان وضعت يدها على مكان الألم القاتل .... رفعت يدها بصعوبة بالغة لمجال بصرها ... نظرت بدهشة لذلك الدم الأسود الملطخ لكفها ... خفضت نظرها نحو مكان الطعنة لتجدها نظيفة و كأن كل ما تشعر به و تراه ليس إلا شيئ تتخيله ... بل و كأن روحها تريد لنفسها ذلك ... تريد أن تطعن بقسوة و تعنف بشدة .. تريد تجرع ألم لا يحتمل ... تريد تعذيب نفسها بنفسها دون تلطيخ شيئ من حولها فقط تريد استشعار ألم ينسيها ألمها .. فقط تريد جرح نفسها لتركز على ألمه ....

ما زاد عليها هو ذلك الشخص الذي يزداد صراخه بكل طعنة تتلقاها هي .. من يكون !! هل يتألم لألمي !! أم أنه هو من يُطعن و أنا التي تشعر بألمه .. لما يحدث هذا ؟ ماذا يكون هذا الشخص لأشعر به ينبض داخلي ؟ ...

في خضم تساؤلاتها شعرت بطعنة تفوق سابقاتها عنفا و ألمًا لتصرخ بكل ما اوتيت من قوة معبرة عن ألمها الذي لم تستطع إحتماله ..

إستيقظت بهلع لتأخذ نفسا عميقا بعد أن شعرت بكمية الأوكسجين تنفذ برئتيها ... كانت تتعرق بصفة لا توصف .. صدرها يصعد و ينزل بهستيرية ... شعرها الملتصق بوجهها ... أقل ما يقال عن حالتها أنها تدعوا للشفقة ...

إستجمعت شتات نفسها بصعوبة لتمسح عرق وجهها و تبعد شعرها ... تنهدت بأسى و الحزن يطغى على مقلتيها ... تنهدت لتطرد ألسنة اللهب المتراقصة داخل صدرها ... لتجدد دورة تنفسها التي يطغى عليها الإختناق ... شعور الموت المتربع داخل أضلعها .. و كأنه جاهزٌ منذ أزل فقط ينتظر اللحظة ليخطفها ...

الَبارِدَة وَ الخَائِن ~Where stories live. Discover now