الفصل التاسع

413 17 5
                                    

مكتب المأمور

كان المأمور جالسا في مكتبه على كرسيه خلف منضدته بزيه العسكري ذي اللون الترابي و مقابله جلس كل من عصام الحساينة و اسماعيل النجايدة على الكرسين المتقابلين أمام مكتب المأمور و كلاهما يرتديان الزي الصعيدي .
أخذ كل منهما ينظر الى الآخر بنظرات تختلف من شخص الى آخر فكانت نظرات عصام متعالية و مراقبة للرجل الكبير في السن الذي يجلس امامه بينما كانت نظرات السيد اسماعيل مستهزءة من غرور هذا الشاب الجالس أمامه و هو يتكأ بعصاته التي تعينه على المشي لكبر سنه حتى و هو جالس كحاله الآن .
قال المأمور قاطعا الصمت الذي خيم على الرؤوس و متوجها بالحديث للرجل الكبير السن :
- هل تعرف جيدا يا حاج اسماعيل سبب طلبي منك الحضور الى هنا ؟
نظر اسماعيل الى المأمور و قال :
- كلا يا سيادة المأمور لا أعرف فقد مر وقت طويل منذ آخر مرة استدعيني فيها الى مكتبك و ذلك في يوم اعلمتني فيه أن ابني مات في السجن .
- آجل ذلك صحيح و لكن هذه المرة الأمر مختلف ؟
عقد السيد اسماعيل حاجبيه استغرابا و قال :
- و كيف يا حضرة المأمور ؟
- أنت تعرف جيد أن بلدتنا صغيرة و عدد سكانها صغير لا يتعدى الألفي شخص و هذا العدد أخذ بالانخفاض تدريجيا ما بين قتلى و هجرة الى خارج القرية و ذلك بسبب ما حدث في الماضي بين عائلة الحساينة و عائلة النجايدة و نحن كحكومة حريصون كل الحرص للحد من هذه الامور .
فسأله السيد اسماعيل :
- و ماذا تقترح يا حضرة المأمور ؟
- اقترح أن تنبذ عائلتا الحساينة و النجايدة خلافاتهما و تنهيا هذا الثأر الذي عصف بكلتا العشيرتين و تقلبا صفحة جديدة اساسه الصلح بينكما
و اشار بقلم كان يمسكه نحو السيد اسماعيل و عصام معا
قال عصام بلهجة  واثقة :
- أنا موافق و لكن بشرط أن يتوج هذا الصلح بالمصاهرة بين العائلتين فما قولك يا حاج اسماعيل ؟
ذهل الرجل الاكبر سنا مما قاله عصام و كأن شرطه هذا قد عقد لسانه و أخذ ينظر الى الشاب بريبة فهو يخطط لشئ ما بدون ادنى شك .
قال المأمور بلهجة مرحبة :
- حل رائع و بذلك تحل جميع المشاكل و تصبح عائلتي النجايدة و الحساينة عائلة و واحدة .
قال عصام :
- هذا صحيح يا حضرة المأمور و لكن لم نسمع رأي الحاج اسماعيل ؟
نظر أليه عصام و كأنه يتحداه بالموافقة فقال السيد اسماعيل :
- و من هو العريس ؟
لقد كان السيد اسماعيل واثقا من أن العريس هو شقيق عصام الأصغر و لكن أجابة عصام صدمته حيث أجاب الاخير بثقة و غرور :
- أنا هو العريس لماذا ؟ هل لديك اعتراض على ذلك ؟
- كلا و لكن فريدة لا تزال صغيرة و لا أظنها ......
قاطعه عصام :
- و من قال لك أني أريد فريدة
استغرب اسماعيل قائلا :
- و من أذن هي العروس ؟
لمعت في عيني عصام نظرة شيطانية و قال :
- حفيدتك الآخرى ابنة ابنك نبيل هي من ستكون عروسي و لن أقبل بغيرها
ذهل الرجل الطاعن في السن من كلام عصام فهو يريد أزل أن تكون عروسه و تميمة صلح
فقال السيد اسماعيل :
- و لكنها ضيفة و هي هنا في زيارة و سوف تغادر بعد أيام و لا أظنها سوف توافق على هكذا أمر
قال عصام بتعنت :
- بأمكانك اقناعها فلا صلح بدون اتمام هذا الزواج و هي بذات العروس .
نظر اسماعيل نحو هذا الشاب المتغطرس الذي وضع العقدة في المنشار كما يقول المثل و كأنه يحاول فهم ما يدور في عقله و أخيرا سأله :
- لماذا الاصرار على أن تكون أزل فهناك فريدة ؟
ابتسم عصام ابتسامة غير مرحة :
- فريدة لا تصلح فهي ابنة جابر النجايدة قريبك من بعيد ولا ثأر لنا معه أما أزل فهي ابنة نبيل ابنك ( شدد عصام على هذه النقطة )  و هي المعنية بشكل مباشر بما حدث في الماضي و هي الأقرب أليك من فريدة .
و اكمل عصام في نفسه :
(فريدة لا تصلح لأجل حسام أما أزل فثأري معها هي بالذات و قد تضاعف مرتين و يجب عليها أن تدفع ثمن جرأتها تلك صاحبة اللسان الطويل الذي يحتاج الى من يقصه و يسرني أنا من يفعل ذلك )

أزل و عصام Where stories live. Discover now