الليلة 17

392 20 0
                                    


الليلة السابعة عشرة

الغارات الثلاث على بلاد الإمام (عليه السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم

لما وقع التحكيم في صفين وحصل الانشقاق والافتراق في أصحاب الإمام وتكونت الخوارج انتهز معاوية الفرصة فكان يرسل الجيوش إلى بلاد الإمام (عليه السلام) ويفتك بالناس ويهاجمهم غدرا وصبرا.

وقد تكررت منه هذه الجريمة والجناية، ونقتطف ثلاث غارات شنها معاوية على المسلمين وأقام المجازر والمذابح وبلغ أقصى مراتب القساوة والوحشية والهمجية، نذكر لكم كل غارة بشيء من التفصيل:

الغارة الأولى

روى ابن أبي الحديد عن ابن الكنوز قال: حدثني سفيان بن عوف الغامدي قال: دعاني معاوية فقال: إني باعثك في جيش ذي أداة وجلادة، فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بـ(هيت) فتقطعها، فإن وجدت بها جندا فأغِر عليهم، وإلا فامض حتى تغير على الأنبار، فإن لم تجد بها جندا فامض حتى توغل المدائن ثم أقبل إلي: واتق أن تقرب الكوفة ـ واعلم: أنك إن أغرت على الأنبار وأهل المدائن فكأنك أغرت على الكوفة ـ إن هذه الغارات يا سفيان: على أهل العرق ترعب قلوبهم وتفرح كل من له فينا هوى منهم، وتدعو إلينا كل من خاف الدوائر، فاقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك، واخرب كل ما مررت به من القرى، وصرب الأموال شبيه بالقتل، وهو أوجع للقلب.

هذه وصايا معاوية، هكذا يأمر عميله بالقتل والحرق والهدم والسلب والنهب بقوم مسلمين مؤمنين، ومع ذلك هو أمير المؤمنين!! قال سفيان: فخرجت من عنده فعسكرت، وقام معاوية في الناس فخطبهم فقال: أيها الناس، انتدبوا مع سفيان بن عوف فإنه وجه عظيم فيه أجر، سريعة فيه أوبتكم إن شاء الله.

ثم نزل.

فوالله الذي لا إله غيره ما مرت ثالثة حتى خرجت في ستة آلاف، ثم لزمت شاطئ الفرات، فأغذذت (أسرعت) السير حتى أمر بهيت فبلغهم أني قد غشيتهم فقطعوا الفرات فمررت بها وما بها غريب، كأنها لم تحلل قط، فوطأتها حتى أمر بصدوراء ففروا، فلم ألق بها أحدا، فأمضي حتى أفتتح الأنبار، وقد أنذروا بي، فخرج صاحب المسلحة إلي، فوقف فلم أقدم عليه حتى أخذت غلمانا من أهل القرية فقلت لهم: أخبروني كم بالأنبار من أصحاب علي؟ قالوا: عدة رجال المسلحة خمسمائة، ولكنهم تبددوا ورجعوا إلى الكوفة، ولا ندري الذي يكون فيها، قد يكون مائتي رجل.

فنزلت فكتبت أصحابي كتائب، ثم أخذت أبعثهم إليه كتيبة بعد كتيبة، فيقاتلهم والله ويصبر لهم ويطاردهم، ويطاردونه في الأزقة، فلما رأيت ذلك أنزلت إليهم نحوا من مأتين، وأتبعتهم الخيل، فلما حملت الخيل وأمامها الرجال تمشي لم يكن شيء حتى تفرقوا، وقتل صاحبهم في نحو ثلاثين رجلا، وحملنا ما كان من الأنبار من الأموال، ثم انصرفت، فوالله ما غزوت غزاة كانت أسلم ولا أقر للعيون، ولا أسر للنفوس منها وبلغني أنها رعبت الناس، فلما عدت إلى معاوية حدثته الحديث على وجهه فقال: كنت عند ظني بك.

الإمام علي من المهد إلى اللحدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن