الفصل الخامس

5.6K 98 1
                                    

انها لا تزال تملك ذلك التأثير عليه . تجعله يشعر وكأنه سيسقط عبر شلال عال بدون قارب نجاة . ضمها تشايس اليه اكثر , غير قادر على التخلص من أربع سنوات من الشوق اليها بقبلة واحدة .
هذا جنون , جنون مطلق . لقد اختفت كل تلك الخطط من فكرها , وكل تلك الوعود . ان تبقى بعيدة عن النار , وهاهى الان تلعب بها. انها تفعل تماما ما قررت ان لا تفعله ابدا . 
انها تسمح لتشايس ان يضمها ثانية .
ضغطت جينا يديها على صدر تشايس ودفعته بقوة . عليها ان تتوقف الان قبل أن تفقد ارادتها كليا .
كانت عيناها كبيرتان وحالمتان , انهما دائما هكذا عندما يضمها اليه . وجد انه لا يستطيع تحمل الشوق اليها .
بقيت يداه على كتفيها وهو ينظر اليها قائلا : " كنت أريد التخلص من هذا منذ أن رأيتك ثانية "
ضاقت عيناها ما ان ابعدت الحقيقة الضباب الذى يلف فكرها . قالت بصوت كالصدى : " التخلص ؟ وكأنك تريد ان تنظف شيئا ؟ او كتعرضك للانفلونزا بطريقة ما ؟"
كيف من الممكن ان تختلط الامور هكذا ؟ منذ لحظة واحدة , كانا يتعانقان والان هما مرتبطان بما يبدو كمعركة قاتلة .
" ربما لفظت ذلك خطأ " كان يقصد انه سينهار من الشوق منذ أن رآها للمرة الاولى .
هذه المرة ابتعدت عنه , وقالت : " لا , لقد لفظتها تماما كما عنت لك " كيف يمكن ان تكون بهذا الغباء بأن تتجاوب معه عاطفيا ؟ لم يكن هناك اى جدال , اى تفكير . لقد قبلته . كيف يمكن لنفسها ان تعطيه فرصة ثانية ليسيطر علي قلبها ثانية ؟
" ماذا تريد ايضا ان تتخلص منه ؟ "
فتح تشايس فمه , لكنها لم تسمح له بالكلام . هذه اخر مرة ستسمح له ان يتحدثا بأشياء خاصة .
" حسنا . لن تفعل , لذلك اصرف تفكيرك عن ذلك . لقد وافقت على العمل هنا تحت هذه الظروف لأننى اريد العمولة كما أريد كل المنافع التى قد يقدمها لي نيكولاس جيمس وللحصول على ذلك قد أدخل أبواب الجحيم " نظرت اليه بغضب كبير وتابعت : " وعلى ما يبدو هذا ما يحصل لى "
كيف يمكن لشخص ان يشعر كالحبيب ان يكون بهذه العدائية ؟ رفع تشايس يده قائلا : "لم تتغيرى مطلقا , أليس كذلك ؟ ما زلت تغضبين على اكثر الاشياء حماقة "
" حماقة ؟ " انه يعتبر شعورها حماقة ؟ حسنا , ما الذى كانت تتوقعه منه ؟ لقد كان دائما هكذا .
صرخ بوجهها : " نعم , حماقة " ناسيا ان الباب مفتوح ومن الممكن ان يصل صراخهما الى قاعة الاستقبال .
شدت على قبضتيها كي لاتضرب صدره . انه يستطيع ان يثير غضبها حتى الجنون بدون اى جهد .
قالت : " لماذا ؟ لأننى لم ارغب فى ان اكون شئ تريد التخلص منه . كي ترضى فضولك ؟ " حاولت تقليد صوته ونجحت فى ذلك كي تبدو ساخرة . لكنه لم يكن يشعر برغبة فى الضحك فتابعت : " هل ما زالت تتأثر بى ؟ هل أستطيع السيطرة عليها وتحويلها الى كومة .. ؟"
اقترب خطوة منها . مانعا عنها الهواء المحدد لها فى ذلك المكان الضيق . فاجأه اعترافها غير المتوقع , وافرحه ابتسامة مليئة بالرضى ظهرت على وجهه .
ببطء وبفرح سألها : " هل أستطيع ؟ "
" اننى جامدة بما فيه الكفاية لكي لا اكون كومة , ألا ترى ذلك ؟ " حسنا لكنها تأثرت به , وهذا ما يناسبه . قال : "فى الواقع . اعتقد انك تبدين جميلة جدا "
تراجعت خطوة الى الوراء ووجدت نفسها تصطدم بعدد من الصناديق . اول ما ستقوم به هو الطلب بإزاحة هذه الاغراض الى مكان ما , اى مخزن . قالت : " حسنا . اسمع ثانية انا لست سهلة المنال وانا لست شيئا معلق على باب دوار ... ط
ضاقت عينا تشايس وقال : " عليك ان تشرحى لى ما تقولينه لى " لم يكن تشايس يفهم يوما كلاما مبطنا . ربما توقعت منه الكثير ومع ذلك لم تتوقف عن المطالبة بذلك . حتى الان ان تطلب منه اكثر مما يستطيع عطاؤه .
" لايمكنك ان تبعدنى وان تتوقع منى ان اتبعك عندما تظهر "
كان يعتقد انها تعرفه اكثر من ذلك . قال : " انا لا اتوقع شيئا .."
رفعت ذقنها وعيناها تلمعان بالنصر : " جيد , لانه هذا تماما ما ستناله . لا شئ "
"انت مخطئة , لقد حصلت على شئ ما . صداع أليم "
كان هناك تلميحة عن سرعتها فى الكلام . لقد كان يتهمها بذلك طوال الوقت . واى احساس بالتوافق بينهما قد اختفى بالمطلق .
" اشعر بالرضى لأننى تركت لك رأسك مكانك " قالت هذا وتوجهت نحو الباب " وبإمكانك الحصول على قهوتك بنفسك "
اغلقت الباب وراءها بقوة , مما جعل عمودين من الصناديق تقع عليه من كل جانب . قفز من امامهم فقط ليصطدم بجانب مكتبه .
لا , فكر بحزن , لم يتغير شئ . هذا تماما ما كان يحصل بينهما . غضب صارخ بين لحظات قليلة من الحنان . من حسن حظها انه لم يعد زوجا لها . مرر يده على شفتيه بغموض " شكرا لك " قال ذلك وهو يتنهد .
عندما فتح الباب بعد مرور دقيقة . استدار نحوه بدهشة . 
دخلت جينا وهى تشعر بانها غبية . رأته ينظر اليها مستفهما فضغطت على شفتيها وقالت : " لقد نسيت دفتر اعمالى "
راقبها وهى تاخذ دفترها . لابد انه مجنون . انه لا يرغب برحيلها قال : " لقد نسيت شيئا اخر . ايضا "
استدارت جينا ببطء ونظرت اليه " ماذا ؟ "
" اخلاقك !" 
لم تستطع الا ان تحدق به . هل فقد عقله ؟ لم تكن هى من فعل ذلك قالت بغضب : " اخلاقى ؟ "
انه يكره ان تفعل ذلك : " هذا ما قلته " لما لا تدعه ينهى كلامه وتفهمه كما يقوه ؟ لما كل شئ تفسره بعداوة ؟ " تبا لك . جينا .. " انه يستعمل معها لهجته القاسية ثانية . وهذا ما يجعلها تشعر وكأنها غبية . حسنا لا مزيد من ذلك . 
فاحترامها لنفسها قد ازداد عبر السنوات الأربع . وعملها كمهندسة ديكور وتنفيذه قد جعلها كما هى الان ليس من حاجة لكي تصغى اليه " لا تشتم أمامى "
" تبا ليست شتيمة , انها اخراج للنفس ... "
هى لا تتأثر بشئ وضيع هكذا لكنها متأثرة من لهجته . من موقفه . " وانت تعلل كل شئ منطقيا ... "
" وانت لا تعللين شيئا " تنفس تشايس بعمق وهو يحاول ان يسيطر على غضبه . عندما تكلم ثانية . كان صوته منخفضا : " اذا اين يضعنا كل هذا ؟ " شعرت بحزن عميق . لم يحدث شئ ليغير ما هما عليه .
" تماما حيث نحن " ضمت الدفتر الى صدرها . وكأن ذلك سيؤمن لها بعض الراحة . " فى اتجاهين متناقضين من حاجز مع طلاق مرتب يفصل بيننا " اصابه اختيارها للكلمات بإحساس غريب , خاصة ان ذلك ليس الحقيقة . على الاقل بالنسبة اليه . " انه غير مرتب "
لم تفهم ما الذى يقوله , لكنها اجابت بدون شعور : " ماذا ؟ "
" الطلاق , انه غير مرتب ابدا " اراد فجأة ان يقترب منها ويضمها اليه ثانية . لكنه بقى فى مكانه . اى خطوة غير مدروسة من المحتمل ان يصبح رجل ميت . " لقد ترك الكثير من الحدود الجارحة "
هل يضع اللوم عليها ؟ هذا تماما ما يعنيه . " هل لى ان اذكرك من قام بالانفصال ليحدث تلك الحدود الجارحة ؟ "
تخلى تشايس عن محاولته فى السيطرة على غضبه . انه اخر ما يقوم به قرب جينا : " آه , الان انت تقولين انها غلطتى ؟ "
رفعت ذقنها مدافعة عن نفسها : "لا , ليس الان " قالت الكلمات بنعومة قبل ان تغير لهجتها بقوة : " انا دائما اقول انها غلطتك " ما كانت لتتخلى عن زواجها كما فعل هو . لكنها لن ترجوه ليبقى كما كانت ترغب بصمت فى فكرها . لديها كبرياؤها . " والان , اذا كنت تعذرنى على القيام باعمالى "
نظر اليها بغضب وقال : "عذرك معك "
قالت بلهجة باردة كالثلج : " شكرا لك "
ضم تشايس يديه الى صدره . منتظرا صفع الباب . ومتوقعا ان ترتجف اسنانه هذه المرة .
لكنها لم تصفع الباب . والصمت جعله يشعر بأنه فى حالة أسوأ .

فرصة ثانية للحب )) ماري فيراريللا روايات عبير Where stories live. Discover now