الدمعة الثامنة عشر

11.1K 299 2
                                    

جلست(سمر) بتململ إلى جوار زوجها الذي ركز انتباهه في قيادة السيارة وسط ازدحام المرور الذي يميز القاهرة خاصة في وقت الذروة. وعندما طال وقوفهما في إحدى إشارات المرور المزدحمة زفرت في تأفف وفتحت حقيبتها تلتقط طلاء شفاه لامع ثم أدارت مرآة السيارة إليها لتعيد طلاء شفتيها الرقيقتين بلون وردي جميل قبل أن تمط شفتيها في ملل وهي تعدل من تسريحة شعرها الجديدة بعد أن صبغته إلى اللون الذهبي وقصته حتى كتفيها قائلة ـ"ألن تفتح هذه الإشارة اليوم؟ إننا هنا منذ ربع الساعة."

مد(طارق) يده ليعدّل وضع المرآة قائلاً برصانته المعهودة ـ"منذ أربع دقائق فقط يا زوجتي العزيزة."

التفتت إليه عاقدة حاجبيها في صمت ثم ما لبثت أن عقدت ساعديها أمام صدرها وعادت ببصرها إلى الطريق قائلة ـ"إنها مدة طويلة على أي حال."

هز(طارق) رأسه دون أن ينبس بشيء وواصل قيادته الهادئة حتى خرج من الزحام إلى طريق واسع أتاح له الحديث في حرية فقال بلهجة تحمل بعض الضيق ـ"ألم نتفق على تخفيف مساحيق الزينة؟"

إلتفتت إليه في دهشة قائلة ـ"هل أنت جاد؟ فجأة أصبحت مساحيق الزينة سيئة؟"

ضغط بوق السيارة محذراً لشخص كان يهم بعبور الطريق، ثم أجابها وعيناه على الطريق ـ"وهل مزحت بشأنه يوماً؟ لقد طلبت منك أكثر من مرة أن تخففي مساحيق الزينة خارج المنزل، وقلت لك إنني أحبك طبيعية دون زينة على الإطلاق".

جادلته بعناد قائلة ـ"وقلت لك إنك أحببتني وأنا أضع هذه المساحيق، وإنني أضعها حتى أظل جميلة في عينيك".

إلتقط كفها يقبله قائلاً بدبلوماسية ـ"أنت جميلة دوماً في عيني...ولا أريد لغيري أن يتمتع بهذا الجمال. أيرضيك أن يتمتع غيري بالنظر إليك؟"

داعبت كفه بدلال قائلة ـ"أيرضيك أن يُقال إن زوجة الدكتور (طارق) غير أنيقة أو غير جميلة؟"

أدار مقود السيارة إلى أقصى اليمين قبل أن يقف أمام منزلهما ويلتفت إليها قائلاً بهدوء ـ"ومن قال إن الجمال في مساحيق التجميل؟ ومن قال إنني أريد للآخرين أن يروا جمالك؟"

مطت شفتيها بشكل طفولي وأشاحت بوجهها بعيداً وهي تقول ـ"لم يبق إلا أن تطالبني بإرتداء النقاب".

أدار وجهها إليه وقال بابتسامة عذبة ـ"ليتك توافقين".

إتسعت عيناها في ذعر وعادت تشيح بوجهها بعيداً وتفتح باب السيارة وتنزل في سرعة متجهة إلى بوابة المنزل، فتبعها وهو يضحك من رد فعلها على قوله.

صعد إلى شقتهما ليجدها تجلس على الأريكة المواجهة للباب واضعة ساق فوق ساق وتهزهما بعصبية.
اقترب منها مبتسماً وقال ـ"ما سر هذه العصبية يا حبيبتي؟ كل هذا لأنني طالبتك بتخفيف مساحيق الزينة؟"

دمعات قلب  للكاتبه رباب فؤادWhere stories live. Discover now