‏‎قصة الأم التي ألقاها أبنها في الغابة 💔

513 65 114
                                    

💔

‎منذ زمن بعيد .. عاشت السيدة نرجس التي توفي عنها زوجها وتركها مع ولدهما عزيز بعمر خمس سنوات وحيدين في هذا العالم .. فتحملت نرجس اعباء الحياة في سبيل تربية ولدها وتعليمه حتى بلغ مبلغ الرجال .. ثم قرت عينها به وهي تراه وقد تزوج واصبح أهل للمسؤولية وكان ان جلب زوجته لتعيش معهم في المنزل ..
‎ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن احيانا ..
‎فزوجة عزيز أخذت تملئ دماغ زوجها بحديث العزلة والتفرد لوحدهما في بيت وتوغر صدره ضد أمه وكيف انها قد اصبحت عجوزا لا يمكنها الاعتناء بنفسها ولا بغيرها .. ثم اخبرته انه لم يتزوجها لتقوم بالاعتناء بأمه وانها لن تمكنه من نفسها الا اذا وجد حلا لأمه التي اصبحت عالة على طريق سعادتهما ..
‎واكثرت الزوجة من هذا الكلام وامثاله .. فكانت تقرع اسماعه ليل نهار به حتى اذعن عزيز في النهاية وتغلب ولعه بزوجته على حبه لأمه فاستمع الى زوجته وهي تخبره بخطة نظيفة للتخلص من أمه ..
‎في اليوم التالي اصطحب عزيز والدته معه الى عمق الغابة فسارت نرجس الى جانبه دون ان تسأله عن وجهتهما فقد كانت تثق به ثقة عمياء ..
‎سار الاثنان ساعات حتى بلغا مكانا قصيا لا يكاد يبلغه احد فقال عزيز :
‎استريحي هنا يا اماه وانا سأذهب لأحضر لنا شيئا من الماء .
‎جلست نرجس وانتظرت .. وبقيت جالسة وهي تنتظر عودة ابنها حتى مرت الساعات وهي لا تعلم ان عزيزا قد غادر الى غير رجعة تاركا اياها تواجه مصيرها المجهول .. وفي تلك الاثناء مر فلاح كهل فشاهد نرجس في مكانها وهي تبكي بصمت فاقترب منها وسألها عن سبب جلوسها في هذا المكان المنقطع فأجابت بأنها بانتظار عودة ابنها الذي ذهب ليحظر الماء ولكنه تأخر عنها وأنها تخشى ان يكون قد حصل له مكروه ما ..
‎شك الفلاح في امرها فجلس وطلب ان تحدثه بأمرها منذ البداية فأخبرته عن ابنها عزيز وعن زواجه الى كيفية وصولها الى هنا .. فكر الفلاح قليلا ثم قال :
‎الماء يحيط بالمكان ولو اراد عزيز لعاد بالماء منذ زمن ... اخشى ان ولدك قد تركك هنا عمدا يا اماه .
‎هزت نرجس رأسها بالنفي وقالت :
‎لا .. عزيز لن يفعلها ابدا .. انه ولدي وانا التي ربيته ..
‎- انتي محظوظة لأني مررت من هنا ووجدتك والا كنتي قد تهتي في الغابة .. على العموم سأبحث عن عزيز قرب نبع الماء واعود .. لا تبارحي مكانك .
‎ذهب الفلاح ثم عاد بعد دقائق دون ان يجد اثر لعزيز وأكد لنرجس مرة اخرى ان ابنها اراد بذلك ان يتخلص منها بألقائها هكذا في جوف الغابة فأصرت نرجس على عدم تصديقه حتى قالت :
‎والله لن أتكلم بعد الان الا بالقرآن حتى يعود الي ولدي والله على ما أقول شهيد .
‎غادرت نرجس مكانها تاركة الفلاح في حيرة من امره واخذت تجول في اطراف الغابة وهي تلهج بذكر آي القرآن حتى جلست على جذع خشبة تستريح ولم تأخذ بالها من بقعة دم بجوارها فتلطخ ثوبها وكفها بالدم ثم نهضت وواصلت سيرها وفجأة ... داهمها عدد من الحرس فألقوا القبض عليها واقتادوها الى قائدهم فقال احدهم :
‎سيدي لقد عثرنا على هذه العجوز .. ان المواصفات تنطبق عليها فهي عجوز تجول في الغابة وحيدة ثم انظر الى الدماء تغطي ثوبها وكفها لابد انها قد قتلت الضحية .
‎أخذ القائد يستجوب نرجس فلم يسمع منها غير القرآن فقد استمرت بتلاوته حفظا عن ظهر قلب بلا انقطاع فاستغرب القائد امرها .. وهنا حضر احد الحرس وقال :
‎سيدي لقد عثرنا على الجثة ..
‎سار الجميع الى حيث كانت نرجس جالسة على الجذع حيث تم العثور على جثة طفل في الثالثة من العمر مقتول ومرمي خلف الجذع فقال الحارس :
‎هنا قبضنا على المشتبه بها ثم انظر ياسيدي ان طبعة كفها تطابق الدماء على الجذع .
‎قال القائد بحدة :
‎هذا دليل قاطع على انك الجانية .. فقد انبأتنا والدة الطفل المفجوعة بان عجوزا قد اختطفت فلذة كبدها وفرت به الى جوف الغابة .. بماذا ستدافعين عن نفسك ؟
‎استمرت نرجس بتلاوة القرآن لأنها اقسمت ان لا تتكلم الا به حتى يرجع اليها عزيزها فهي ترفض ان تصدق انه تخلى عنها بتلك السهولة وهي التي حملته في بطنها تسعا ثم رضعته صغيرا واحتظنته عندما توفي والده وعملت بكل جد حتى توفر له لقمة الحلال الى ان شب وتزوج .. لأجل هذا كانت نرجس تغمض عينيها عن كل ذلك وتتلو كلام الله لتبتعد عن تصرفات هذه الدنيا الدنية فلا خير فيها اذا تخلى عنها فلذة كبدها .
‎تم اقتياد نرجس الى المدينة المجاورة نحو مجلس القضاء وسط الحشود الغاضبة التي تريد ان تفتك بنرجس كونها المشتبه بها .. لكن مواكبة الحرس لها حال دون ان تطالها ايديهم فرموها باقذع الشتائم وبكل ما طالته ايديهم من حجارة وقاذورات وهي صابرة تمشي مغمضة العينين منقادة الى حيث يريدون وما فتئت عن ذكر الرحمن بتلاوة القرآن محتسبة امرها عند الله متوكلة عليه وحده ..
‎ادخلت نرجس الى مجلس القضاء الاعلى فخاطبها قاضي القضاة فأخبره قائد الحرس بأنها لا تتكلم سوى القرآن فاستعرض القاضي امامها الادلة وأدانها فاستمرت نرجس بهدوئها المعهود وذكرها المنشود ..
‎وهنا دخل والي المدينة الى المجلس فاستدعى قاضي القضاة وطلب رأيه في القضيه فاخبره القاضي بحال نرجس وانها ترفض الكلام الا بالقرآن وانها لا تعترف ولا تنفي التهمة عن نفسها وان القضاة الان في حيرة من الامر .. فكيف يبتون في قضية كهذه ..
‎طلب الوالي من القاضي ان يحكم ضد نرجس بسرعة لأن سكان المدينة يكادون ينتفضون ويقتحمون المكان للاقتصاص من نرجس بسبب تلك الجريمة النكراء فامتثل القاضي للامر واصدر حكمه بقطع رأس نرجس غدا ظهرا في الساحة المركزية وسط المدينة فهلل السكان فرحا بذلك الحكم فيما اودعت نرجس زنزانة ضيقة وكبلت بالسلاسل بانتظار تنفيذ الحكم .. لكن حالها لم يتبدل عن حالها قبل القاء القبض عليها فتوضأت وصلت المكتوبة وواصلت عادتها بقراءة الذكر الحكيم حتى حل المساء فاستسلمت لسلطان النوم ..

ملخصاتي 👑Where stories live. Discover now