رغبتي الدفينة

59 4 0
                                    

#الجزء 27

#رغبتي_الدفينة

لقد شهدت دموعنا على حبنا حين غسلت أعيننا ومعها قلوبنا ، أكيد أن الحزن تظل شوائبه أقوى من لحظات الفرح والبهجة ففي الحزن نقترب ونحس ببعضنا فتدنينا أوجاع الكآبة....هذا ما شعرت به اتجاه جاك .

أكملت عملي دون أن أشعر بالوقت لقد كان الجو ممطرا أخذت معطفي وحقيبة يدي ثم انصرفت لألحق بليفيا ...وجدنا جاك بالانتظار ودعتني حينها صديقتي متمنية لي أمتع الأوقات بينما حبيبي طلب مني أن نذهب إلى مقهى لنتكلم عن مستقبلنا فقد أصبح يشعر بالضياع وخصوصا عندما علم بمعرفتي لقصة زواجه.

لم أعترض على طلبه اخترنا مقهى هادئا ومكانا ملائما تركته يتكلم ويفضفض ليخرج كل ما بداخله.... خبأنا عتابنا في جيوبنا لنضع أمامنا أشواقنا ولهفتنا على مائدتتا.......ثمة تشابه بيننا لقد وجدت فيه نفسي وهو أيضا عثرت نفسه علي فكيف لنا أن نلوم بعضنا على ماض لم نخلقه بأيدينا ؟ لقد قررنا أن نخفيه في الدولاب ونحكم الاغلاق عليه .

غيرنا حديثنا لنتحدث عن أحلامنا وغدنا رجاني أن أكون رفيقة دربه في السراء والضراء .....أن يتكأ علي حين يسقط لأساعده على النهوض من جديد ونكمل الطريق معا.....ليس الحب هو أن تعيش لحظات النشوة والسعادة فقط بل أيضا أن تقف بجانب حبيبك عند الشدة وتعيش وإياه عند أصعب اللحظات .

ما علمته أنه لم يختر زوجته بل هي من بحثت عنه جمعتهما الصدفة عند أبيها حيث كان جاك يعمل مساعدا له في الشركة..... فاشتراه لها وهو باع نفسه رخيصا ليعيش حياة عادية فارغة ارتكزت على المصالح لم يذق فيها طعم الدفء والحب .....إلا أن زواجهما أثمر عن إنجابهما لإبنة جميلة عمرها ثمانية سنوات فهذا ما ربحا من زواجهما.

استمعت إليه وهو يحكي أكيد قد ارتاح عند إخراج كل ما في قلبه من رواسب سنين عاشها مسيرا دون رغبة منه ....لقد كان يفضفض وفي كل مرة يتوقف لصعوبة تلك الكلمات وهي تخرج من قضبان سجن......انفرجت أساريره عند تحريريها وتنهد تنهيدة طويلة ، لقد عاش المسكين سجين نفسه في مكان ما اختاره عن رغبة.

بكي بين يدي راجيا مني أن أكون شريكة حياته أطرقت رأسي وأنا أفكر في الأمر لقد وجدت نفسي عند أصعب امتحان لم أجتز مثله طول السنين التي مرت ، فيه سيحدد لي مصيري طبعا.....أغمضت عيناي لأفكر في تلك الورطة لم تلبث أن تراءت لي ابنته وكأنها تتوسل مني أن ابتعد عن أبيها .....لكن لم أشعر إلا وبقبلة انطبعت على شفتاي، حرارتها أنستني كل الذي كنت أخمن فيه إلى أن سرحت معه في عالم غير واقعنا لنعيش أجمل لحظاتنا فيه.

غريبة هي أطوار حياتنا تتقلب بين لحظة وأخرى دون أن نتحكم فيها ....مخطىء من يعتقد أننا لنا مطلق الحرية في تسيير بعض الأمور وفق ما قررناه ....بل العكس لأننا قد لا نكون أحرارا على الإطلاق إزاءها وقد نمتثل للضرورة التي تفرضها علينا طبيعتنا طوعا دون أن ندري بذلك فننساق إليها غير مكثرتين بالعواقب .

أكيد هذا ما حصل معي وجاك هي الضرورة من فرضت نفسها لننساق معها حسب طبيعتنا وإن كان ذلك لا يتوافق ومبدأ العقل ..... تجربته الفاشلة جعلت منه شخصا آخر ليختار طريقه من جديد آخذا بي معه إليها وضاربا بعرض الحائط كل المبادىء التي تطبع عليها ربما الآن رغبتنا الدفينة قد تحقق آمالنا وسعادتنا .

أخذنا الكلام والصمت حتى حل الظلام ناشر أخيلته على منازل وشوارع لندن حينها طلب مني جاك العودة إلى البيت يخشى علي من ثرثرة أهلي وأسئلتهم اللامنتهية .....أوصلني ولم يذهب حتى اطمأن إلى ولوجي..... لم أجد احدا مستيقظا الكل كان يغط في سبات عميق فهذا الجو لا يدعو سوى إلى النوم والخمول تحت الاغطية الثقيلة طلبا للدفء.

صعدت كعادتي ببطء دون أن أحدث ضجة ضحكت على نفسي وأنا أتذكر كيف كنت أصعد وأنزل السلالم وكأن أحدهم يتبعني الآن تغيرت كل عاداتي ..... هو الحب حولني وغير من طباعي إلى أخرى كلها هدوء وتأمل ....رغبتي الآن أن أجد من يسد فراغا عشت أفتقده طول حياتي آلا وهو الأخذ بيدي إلى ما أحلم به ودفع عني شيء إسمه شبح المجهول .

قبل أن أغير ملابسي فتحت الشرفة لأجد جاك مازال واقفا أمام البيت ونظره في اتجاهي..... لوحت له بيدي ليذهب مرسلة له قبلة أوصلتها نسمات الهواء إليه ....أغلقت الشرفة بعد أن غاب عن نظري لأستلقي على سريري وقد أنهكني التعب وكثرة التفكير......أغمضت عيناي باحثة عن النوم ومحاولة طرد شبح الأرق في هذا السكون المملوء بسحر الهدوء ....وآملة أن تتغير ظروفي للأفضل.

اليتيمة سنوهويتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن