الفصل الأول

86 2 0
                                    

و ثأرت لنفسي ...

الفصل الأول  

في إحدى القُرى
أسدلت الشمس أشعتها الذهبية على الارض لتنشر بها الضوء و النشاط ، تسللت إلى غُرفة بطلتنا الصغيرة التي لا تدري بما يدور حولها ، نهضت بثقل و هي تتالم و هي تفرك عينيها و تحمل دميتها المحشوة بيدها الأُخري متجهة نحو الخارج ، خرجت لتجد عمتها و زوجها يجلسون يحتسون الشاي ، نظرا نحوها بحنو و حزن و عمتها تشير إليها بالتوجة نحوها ، أجلستها على قدميها و هي تقول : ماما و بابا فين يا عمتو !
أدمعت عينا نادية و هي تقول : أنتي فاكرة حاجة يا حبيبتي  ؟
زهرة : أيوه فاكرة ، كنا رايحين إسكندرية و فجأة عربية طلعت قدامنا و بعد كده ما أعرفش
تحسست نادية تشوهات وجه الصغيرة قائلة : أنتي نايمة بقالك كتير يا زهرة ، و أنتي كبيرة و عارفة ان ربنا بيأمر بكل حاجه بتحصلنا و بيبقي وراها خير لينا ، ربنا خد بابا و ماما عنده وكدا أحسن طبعا
تطلعت الفتاة إلى عمتها بذهول كبير و مالبثت ان بدأت بالصراخ و التلوي من بيديّ عمتها متجة نحو غرفة والديها ، دلفت ببكاء و هي تجول ببصرها في المكان لتجده بلا روح ....!!!
أتجهت نحو الخزانة لتتعلق بثياب والديها و لكنها وجدت الخزانة فارغة ، ألتفتت لها بدموع و سارعت ترتمي بين أحضانها...
******
مساءًا
أجتمعت العائلة ليحددوا مصير الصغيرة التي ستنتقل بين إيديهم
نادية بغضب : يعني ايه مش هتاخدوها !! ، أنتم الكبار
مدحت " الأخ الأكبر " : أنا عندي 4 عيال مش هقدر اشيل مسؤلية واحدة خامسة ، دي حتى بنت مش واد أقول هيكبر و يشتغل
عادل " الأخ الأوسط " : و أنا كمان عندي 3 و بنات مش حمل بت رابعة تزود همي
كمال " الأصغر من عادل " : كلنا عندنا أكتر من عيلين و مصاريفهم و همهم ، خديها أنتي ما دام حنينة اوي كده ، أنتي ما عندكيش غير بنتك وابنك خلاص راجل ، و أهي من سن بنتك ربيها معاها
نادية بدهشة : معقولة أنتم كبار !! بدل ما تتهافتوا كلكم علي بنت اخوكم و ترعوها بترموها ليا !! ، ماشي ، أنا هطلع أحسن منكم و هاخدها تعيش معايا ، بس محدش بقا ييجي يفتكرها لحد من عياله لما تكبر و تتم السن القانوني و تاخد ورثها كله
مدحت بغضب : يعني إيه عاوزه تمنعيها أن تحب واحد من ولاد خِلانها.
لوت نادية شفتيها ثم ردت  : والله لو هيحافظ عليها منكم مش همنعها بس ولادكم هيبقوا زيكم ، من شابه أباه فما ظلم
جز عادل علي أسنانة  : أنتي بتلعبي بالنار يا نادية
يونس " زوج نادية  " في محاولة أنهاء الحديث : خلاصت الكلام ما دام انتم مش عاوزين تاخدوها سيبوهالنا و لما تبقى تكبر يبقي يحلها ربنا
بينما الحديث دائر جلست الفتاة خلف الباب تستمع إلي العراك الدائر بالخارج و دموعها تنهمر من عينيها ...
******
بعدها بأعوام
جلست منزوية في جزء خلفي من الفصل و هي تتناول طعامها بمفردها ، سمعت همهمات زميلات الاتي يرمقنها بنظرات ساخطة و نابذة ، بينما جلست سندس مع صديقتها يتجاذبن أطراف الحديث
يارا ناظرة لزهرة بطرف عينيها : يعني زهرة دي بنت خالك !!
سندس بسخط : أيوه المشوهة دي بنت خالتي
أكملت يارا أسئلتها : و هي أهلها فين !!
زوت شفتيها في ملل : ماتوا في حادثة من مدة ، بس عارفة أنا بكره البت دي ، ماما بتهتم بيها أوي حتى أنا بنتها مش بتهتم بيا كدة ، بتقول عشان هي تعبانة بس ايه يعني ما انا كمان بعيا و مش بتهتم بيا كده
بشفقة تابعت يارا: معلش يا بنتي بصي حالتها عاملة ازاي ، دي ملهاش صحاب خالص ، أنا مش عارفة هي عايشة كده إزاي
تأففت سندس بحنق: و لو ..... ده وش براءة قدامكم بس ، أنا حاسة أن البت دي وراها مصيبة!!
- حرام عليكي يا بنتي دي في حالها
-قالتها يارا وهي تعاتبها بشدة، فردت عليها سندس بتهكم : حرام عليا طب والله لا تشوفي هعمل ايه.
انهت كلامها بتوعد شديد بينما كانت زهرة بجانب الحائط،وحدها دون أحد
بعدما توفي والديها وتراكها كلما كبرت في عمرها زاد همها  فعمتِها بدأت تعاملها بطريقة سيئة فكلما كبرت كَبُر ما تحتاجه من أموال و طعام وشراب فقصرت ناحيتها كثيرًا وبرغم ذلك كانت ابنتها سندس تحقد عليها برغم أنها الأجمل!!
كانت تجلس في غرفتها وحيدة وتنظر لسقف الغرفة شعرت بحركة مقبض الباب فاعتدلت في جلستها
لتجد سندس تدلف وتقول لها بإبتسامة مزيفة :
- ‏ زهرة بقولك اية مين اللي كنت ماشية معاه امبارح دا؟
رفعت حاجبيها واتسعت أعينها بشدة وصدمة قائلة بخفوت :
- ‏ايه اللي أنتِ بتقوليه دا؟! أنا أعمل كدا!!
- ‏أمال انا يعني.
- ‏تفوهت بها بسخرية و خبث فأسرعت ترد زهرة بأرتجافة قليلة :
- ‏ أيوة أنتِ، جاية ترمي بلاكي عليا يا سندس وأنا عرفاكي وأقسم بالله هقول عمتي وأنتِ عرفاها.
أبتلعب لعابها وهي تحاول أن تخفي الموضوع قائلة وهي تهددها : وحيات ربنا لأوريكي يا زهرة وأنا أي حاجة هعملها مش هتعدي و أكيد عرفاني تقطعي لسانك وملكيش دعوة بيا وألا..
قاطعتها وهي تصلط نظرها بشدة عليها : وألا أيه أنا مجتش جنبك ومتكلمتش..
وقفت من جلستها وهي تعبث بخصيلاتها وتقول وهي تهم بالخروج :
- أحبك وأنتِ مركزة معايا.
خرجت وتركتها مع خيالتها مما سيحدث من قبل سندس التي تتيقن أنها ستفعل ما يدمرها.. أغمضت أعينها وهي خائفة بشدة من القادم فلا قادم من الأساس وتتمني ذلك.
‏.. ومع صباح يوم جديد
خرجت لتذهب إلي أحدي الأماكن لتأخذ حصتها اليوم من المادة فوجدت أحداهم يتهامز ويشير نايحتها والأخري تضحك وهي توجه أنظارها بشدة عليها وتتكرر الموقف مع مجموعة من الفتيات ولكنها استمعت لما يقولون فكانت صاعقة بالنسبة لها
-استطاعت سندس من أمس حتي اليوم أن تنفذ تهدديها حتي بعد خضوعها و صمتها.. هذا ما كانت تخشاه وبشدة فهي تعلمها من أعلي رأسها حتي أغمص قدميها
تنهدت وهي توجه نظراتها نحو الأرض و رأسها منكسة للأسفل بشدة..طوال طريقها تتمني بأن تنشق الأرض وتبلعها
فمن اليوم وصاعد الفتاة ذات الوجة المشوه والسمعة المشوهة.. تأفلمت سندس و نشرت بعض الأقوال عليها كما كانت تقول لها في الأمس وهي تحاول أن تشككها في نفسها بدت كصرصور في الحقل تائهة بين الخضرة.. لا تقدر علي رفع رأسها أمام أحدهم الآن وتصمتهم جميعًا أو حتي تبكم أحدهم
فمن أين تأتي لها الجراءة وتتطوال وترد علي أحداهم مدافعة عن نفسها من متي وهي تقدر علي أن تندمج مع أحد في كلمتان؟!
وها هي الآن تسكت علي حقها وهي تستمع لأحاديث تسم الجسد
- ‏شوفي البراءة الكدابة البت فاكرة أن الناس هبلة
- ‏ظهرت علي حقيقتها بت ال**** عاملة شريفة أووي
- ‏ودي اللي كنت بقول عليها محترمة البلد كلها عرفت اللي بتعمله
هذا وأكثر يخترق أذانها من ألفاظ تعجز عن وصف بشاعتها ومع كل كلمة عيناها تنزف دمًا!
ماذا الآن استصمت كثيرًا علي حقها، علي شرفها الذي أفترش الأرض..!
يتبع 

ثأرت لنفسي.. بقلم EMSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن