الفصل الخامس

4.3K 96 1
                                    


أنهت ميغ آخر لقمة من فطورها , ثم عادت تملأ فنجانها قهوة من جديد . لقد حاسبت الفندق وأحضر لها الخادم حقيبتها إلى غرفة الاستقبال . ولم يبق سوى وصول سيارتها المستأجرة لكي تتابع طريقها .

كانت أثناء تلك الليلة الطويلة القلقة , قد عزمت أمرها على إلغاء قرارها السابق بالتفرج على أنحاء المنطقة , والذهاب بدلا من ذلك , إلى هاوت أرينياك رأسا , حيث ستمضى فى تلك العزلة , شهرا كما وعدت , لتعود بعد ذلك إلى انكلترا بالسلامة , كما كانت ترجو .

وهى . بعد ذلك لن تعود أبدا إلى انتحال شخصية مارغوت وهويتها , مرة أخرى .. أبدا . وعضت شفتيها وهى تفكر فى ذلك . لقد قادها هذا العمل إلى طريق التعاسة , وعليها الآن ان تحاول نسيان ما جرى لها فى الأربع والعشرين ساعة الأخيرة بقدر ما تستطيع , وهى تعرف مسبقا أن هذا لن يكون سهلا .

لقد انتهت إلى الأبد , تلك الفتاة عديمة الخبرة التى خرجت من تولوز , لتحتل مكانها امرأة قد استيقظت رغباتها لأول مرة فى حياتها , ولكنها رغبات لن يرضيها رجل مثل جيروم مونتكورت .. لقد جمعها القدر بغريب بالغ المهارة فى طرق الإغواء , رجل يتنقل من امرأة إلى أخرى . إنها تستحق أفضل من ذلك , فهى لا تريد أن تسلب امرأة أخرى رجلها . إنها ليست مارغوت .

ولكن . رغم كل هذه الأفكار الايجابية المهدئة وجدت نفسها عاجزة عن نسيان تلك الفتاة التى اتصلت هاتفيا الليلة الماضية . إنها منقذتها المجهولة .. وارتسمت على فمها ابتسامة ساخرة .. أتراه هذا هو السبب فى أنها لا تستطيع نفيها من ذهنها ؟

أما بالنسبة إلى جيروم مونتكورت .. حسنا , لقد خرجت من حياتها الآن دون أى ضرر حقيقى ما عدا , بالطبع , الضرر الذى أصاب كبرياء الرجولة فيه .لقد تضايقت من تصرفه نحوها عندما تركته والذى وصل إلى ما يشكل تهديدا غامضا , ولكن ربما كان الأمر كله هو أنه لم يتعود الرفض من امرأة . وتنهدت وهى تفكر فى انها على كل حال , ليست من نوع النساء ذوات العلاقات العابرة فهى تبحث عن الالتزام عند الطرفين . ولكن جيروم مونتكورت ليس من هذا النوع . مع انه ليس بإمكانها أبدا أن تتأكد من شعوره نحوها مهما حاولت . وذلك بالعكس من أوكتافيان الذى لم ينطق بكلمة طيلة الطريق إلى الفندق , مما يدل على شعوره العدائى نحوها , وذلك إلى أن وصلا ونزلت هى من السيارة , عند ذلك قال لها بلهجة مهينة : " انكليزية ؟ عودى إلى بلادك واتركينا بسلام . "

ولم يكن أحب إليها فى الحقيقة . من العودة إلى بلادها , ولكنها سبق وتعهدت بهذا الأمر ولا يمكنها التراجع .

واقترب النادل منها يقول : " لقد وصلت سيارتك , يا آنسة . "

وابتسمت شاكرة , ورشفت بقية قهوتها ثم نهضت متوجهة الى غرفة الاستقبال , لتتسمر فى مكانها وهى تحدق ذاهلة فى ذلك الذى كان واقفا بانتظارها . 



 اغنية الفجر ـ سارة كريفن ( قلوب عبير ) دار النحاس ( كاملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن