الفصل الثالث

238 41 13
                                    

صدر عنها أنين خافت، شعور الألم الشديد جاثم على جسدها المليء بالكدمات الجروح، شقّ عليها التنفس وكأن صخرة عملاقة وضعت على صدرها.

-ألي، روحي، افتحي عينيكِ رجاءً.

كف دافئة تضغط على خاصتها بخفة، وهمس خافت بجانبها دفعها لتحارب لتفتحهما، وقد استغرقها ذلك وقتًا لا بأس به.

اندفع 'مالكوم' لتحيط كفّيه وجهها بحنان غامر أنساها وجعها للحظات. احتضنت عينيها -ذات النظر المشوش-ملامحه الجذّابة على بُعد سنتيمترات قليلة، فتساءل بهمس يملأه العطف:

-غاليتي، كيف تشعرين؟

غالبت ألمها لتجيبه بهمس متقطّع وقد حاولت صبغه ببعض المرح:

-وكأن شاحنة عملاقة سحقتني.

-المهم أنكِ على قيد الحياة.

تمتم بحنوّ وعينيه العاشقتين تعانق ملامحها، ليردف بعبوس:

-كدتُ أفقدكِ، إصاباتك كانت ستكون أخطر لو أن جسد ذلك الوضيع لم يحل دون سقوطكِ المباشر على الأرض.

هاجمت اللحظات التي سبقت فقدانها للوعي مخيلتها، أغمضت عينيها بقوة متذكرة هجوم 'إدواردو' عليها؛ ليعض زِندها الأيمن، فهوى كلامهما أرضًا وقد أدّى ذلك لوفاته، ولو لم يدركها 'قيس' حاملًا بندقية ليصوبها نحو متحوّل كاد ينقض عليها؛ لكانت الآن في عداد الموتى.

تأوهت وإصاباتها تكاد تفتك بها، راقبها 'مالكوم' بهلع دون أن يجد ما يقدّمه للتخفيف عنها ووضع حد لأوجاعها؛ ليس الجسدية وحدها بل والنفسية كذلك.

-لقد عزمت أمري، حالما ينتهي هذا الكابوس سنتزوج رغمًا عن أنفك الضئيل هذا.

التقت عيناهما بحديث صامت، عبّرت ملامحه عن عشقه لها، وقد أثار الحنان الذي كسا وجهها استغرابه، وتلك الابتسامة البسيطة المرسومة على شفتيها زادت خفقات قلبه حتى شعر به يكاد يفر من موضعه.

-لن أجرؤ على الرفض.

قبل أن يغالب 'مالكوم' صدمته بموافقتها السريعة، اقتحم 'قيس' الحجرة -التي يلجأ إليها الشرطيون لنَيل قسط من الراحة أثناء ساعات العمل الطويلة-والحماس يتجلى في ملامحه الوسيمة.

-لقد تمكّن 'جون' من ابتداع جهاز لنتصل بشخص من الخارج.

...

كُلٌ اِزدحم حول 'أليس' القاعدة على أحد الكراسي الخشبية -برغم الإجهاد الذي نال منها بالإضافة إلى إصاباتها الجسيمة-، أمامها جهاز الإتصال موضوع على مكتب متوسط الحجم، بجوارها 'مالكوم' والتوأم 'قيس' و'رنا'.

وباء الإهزاق™Where stories live. Discover now