1- ما قبل الانطلاق

12.4K 591 171
                                    

تطلّب مني الأمر وقتا مطولا نوعا ما في التنقيب عن افتتاحية مناسبة لما أطلقت عليها اسم حكاية مع أنها دون ذلك ، لم أسطر أحداثها بعد في السلم الزمني و لم أضع النقاط على حروف وقائعها .. لازالت الكلمات تتناطح في عقلي .. لكنها ضرب من ترياق الخيال الطيب ممزوج بسمّ الواقع المرير

أوليس الترياق ابن السمّ يولد من رحمه ؟

سنلتقي في المنتصف المميت حيث عقدت معاهدة الحياة بين الحقيقة و السراب منذ أزل بعيد 

طرفان متعصبان طامعان لم يرض أي منهما تسليم رهينته ألا و هي الإنسان للطرف النّد .. معاهدة غير قابلة للنقض أبت فيها الحقيقة إطلاق سراح الرهينة من قيودها الموجعة ليحضنها الخيال بجناحيه الدافئتين و أقسم الخيال بدوره بأن لا يُحيل للواقع المتغطرس حق تحريك الانسان بخيوطه المنسوجة من قماش مسموم و كأنه دمية الماريونيت ..

نحن و في خضم مد و جزر بحر الحياة ، يلسعنا الواقع بأنيابه ليسري سمّه القاتل في أوصالنا فنتوسل طبيب الأحلام  أن يسكب ترياقه العجيب في ثغورنا فيخمد الألم بل و يسقينا فوق ذلك خمرة عذبة المذاق ترتقي  بنا إلى غيوم النشوة الوهمية

هو هكذا الخيال ! بترياقه و خمرته ينسينا فينشينا و ما النسيان و النشوة إلى سرب من الوهم ، لكن لابأس في ذلك ...

قد تبدو الافتتاحية معقدة متشابكة المعاني لكن الأحداث دون ذلك ، إنها تجسيد لعبارة بسيطة ألا و هي :

" الأحلام بوابة المستقبل "
________

تعالى صوت ضحكاتنا الممزوجة بقهقهة صاخبة تصدر من أعمق نقطة في قلوبنا في طريق عودتنا من أمسية ماتِعة على شرف تتويج شركتنا لؤلؤة في سماء عالم التصميم الجرافيكي ، الشركة التي قدتها في مضمار التألق أنا و رفيقا دربي الحميمان

" تايهيونغ احذر ! "

صوتها المذعور المُناجي كان آخر ما التقطته مسامعي قبل أن تتجمد عقارب الساعة و يملأ العدم السوداوي مجال نظري

----------

كوريا الجنوبية 
07:15 am

" صباح الخير .. أقصد صباح الكسل جيمين ! "

هجى حامل الكوب البني القاتم  المتناسق مع لون خصلاته صديقه المتمدد على الأريكة منهمكا في البحث على كومبيوتره

" لازال أمامنا متسع من الوقت قبل موعد الطائرة ، لا تقلق لن أسبب أي تأخير "

أجاب مبررا موقفه

" أظن أنك ستحتاج حجة إضافية لتبرر لنا في السيارة سبب تأخرك بعد أربع ساعات من الآن "

راهنت تلك من أمام الدرج تعانق كومة من الثياب المغسولة سابقا

" إنها مجرد إجازة روزان صدقيني .. لن نلبث هناك دهرا"

علق تايهيونغ مرة أخرى على الكم الكبير من الملابس التي تنوي اصطحابها معها

ما بال مزاجه هذا الصباح ؟

اكفهر محياها ليبتسم جيمين دلالة على السخرية و الانتصار

" لم تبتسم ؟ فلتواصل مشاهدة ترهاتك تلك يا قصير الساقين "

سددت روزان رمية في مرماه محاولة الفوز في مباراة استرجاع الكرامة

" يدعى علم الكائنات الخفية و ليست ترهات أيتها الجاهلة صديقة الأسقف "

رد جيمين الصاع صاعين بتسجيل هدف التعادل

زفر تايهيونغ واضعا الكوب على مائدة غرفة الجلوس ، بات الاستماع لمناوشات الثنائي المبتذلة جزء من الطقوس التي يستفتح بها يومه كعجوز يتصفح الجريدة كل صباح.

خَيْلان قُبْرُصWhere stories live. Discover now