الجزءُ الثَّاني

4.6K 240 288
                                    

في منتصفِ الغرفة، وقف وي ووشيان حامِلاً ظرفاً أصفرَ اللونِ مزخرفاً بخطوطٍ ذهبيّةٍ من أطرافِه.. تأمّلَهُ قليلاً ثمَّ قَطَعَ إحدى جانِبَيهِ وأخرَجَ الرِّسالةَ واضِعاً المغلَّفَ على طاولةٍ قريبة

تراجَعَ بِضعَ خطواتٍ بينما يفتَحُ الورقةَ التي كانت في الداخلِ إلى أن وَصَلَ إلى حافّةِ سريرِهِ وجلسَ هناك

نظرَ لان وانغجي -الذي كانَ يجلِسُ بعيداً عنهُ بعدّةِ أمتارٍ ويحمِلُ كتاباً- لهُ بطرفِ عينَيه بصمت

فورَ أن فُتِحَت الورقةُ ظهرت حروفٌ بخطٍّ متوسِّطِ الحجم، مرتَّبٍ ولكن يمكنكَ رؤيةُ لمحةٍ منَ الغرورِ والعصبيةِ اللذانِ يمتزجانِ من خلاله.

بتعابيرَ متلهِّفةٍ وابتسامةٍ عريضة، بدأ وي ووشيان بالقراءةِ داخِلَ عقلهِ واستطاعَ تخيُّلَ المُرسِلِ وهوَ يخاطِبُهُ بنبرَتِهِ المتذمِّرةِ الاعتيادية:

"مرحباً، ليسَ لديَّ شيءٌ لقولِهِ ولكن بما أنني سأُرسِلُ هذهِ لكَ فسأُخبِرُكَ بما حدثَ معي في الأمس .. للمرّةِ الأولى في حياتي .. دخلتُ في شِجارٍ ولم أكبِح نفسي، وكالمتوَقَّعِ منّي فقد أطحتُ بهم جميعاً. فقط. إلى اللقاء."

وتماماً في زاويةِ الورقةِ السفلى، خُطَّت جملةٌ لم يستَطِع ملاحظتها في البداية

"أراكَ قريباً"

قهقهَ وي ووشيان بعدَ قراءتِهِ لهذهِ الكلمات، ألِهذهِ الدرجةِ يحاوِلُ إخفاءَ مشاعرِه؟

لا يملكُ شيئاً لقوله؟ يالَهُ من كاذِب! خالُكَ أخبرني بالفعلِ أنّكَ رفضتَ حتى الذهابَ للصيدِ لأنَّكَ أردتَ لقائي!

توَقَّفَ وي ووشيان عنِ الضَحِكِ وارتسمت على شفاهِهِ بسمةٌ حنونة .. تذكَّرَ كيفَ أنَّ ابنَ أختِهِ كانَ يكافِحُ في الماضي لكَي لا يُشهِرَ سيفَهُ على من يكره .. كيفَ أنَّهُ كانَ مضطرّاً للتحمُّلِ كثيراً على الرُّغمِ من كونِهِ مجرَّدَ طفل.

لم يَستَطِع منعَ نفسِهِ من الشعورِ بالأسى عليه، ولكنَّهُ في نفسِ الوقتِ كانَ سعيداً من أجلِهِ لأنَّهُ استطاعَ فعلَ ما أرادَهُ طوالَ هذهِ المدّةِ الآن.

استفاقَ وي ووشيان من شرودِهِ وحدَّقَ بالجملةِ الأخيرةِ للحظات
"وكالمتوَقَّعِ منّي فقد أطحتُ بهم جميعاً"
ثمَّ ضَحِكَ وأمالَ رأسَهُ بخفَّةٍ ناطقاً:

"كما هوَ متوَقَّعٌ من ابنِ أختي"

وَضَعَ وي ووشيان الوَرَقَةَ على سطحِ الطاوِلَةِ وجلَسَ قريباً من لان وانغجي الذي أعادَ نَظَرهُ نحوَ كتابه.. ولم يستَطِع منعَ نفسِهِ من مضايَقَتِهِ قليلاً

"ماذا تقرأ؟"

لم يُجِب لان وانغجي على سؤاله.

"لمَ لا تترُكُ القراءةَ وتتحدَّثُ معي بدلاً عن هذا؟"

رَغبَةُ القَدَرWhere stories live. Discover now