الآداب الباطنيه لصلاة الليل

137 4 0
                                    

تثبيت المكاسب

.١٨ إن الله تعالى يشير إلى دور الليل ـ وخاصة ما فيه من الصلاة ـ شد في تثبيت المكاسب الأخروية فيها حين يقول: ﴿إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً﴾ فما ذكر في الآية ـ على ما ذكره صاحب الميزان ـ كناية عن كونها أثبت قدما لصفاء النفس، وعدم تكدرها بالشواغل النهارية، وقيل مواطأة القلب اللسان، والمراد بكونها أقوم قيلا ، كونها أثبت قولا، وأصوب لحضور القلب و هدوء الأصوات، والمعنى أن حادثة الليل أو الصلاة في الليل هي أثبت قدما، أو أشد في مواطأة القلب اللسان، و أثبت قولا وأصوب، لما أن الله جعل الليل سكنا، يستتبع انقطاع الإنسان عن شواغل المعيشة، إلى نفسه و فراغ باله.

وأما قوله: ﴿إن لك في النهار سبحا طويلا تفسير﴾  فإنه كناية عن الغور في مهمات المعاش، وأنواع التقلب في قضاء حوائج الحياة، والمعنى: أن لك في النهار مشاغل كثيرة تشتغل بها مستوعبة، لا تدع لك فراغا تشتغل فيه بالتوجه التام إلى ربك والانقطاع إليه بذكره، فعليك بالليل و الصلاة فيه.

  

البركات المختصة

.١٩ إن من البركات المختصة بأهل قيام الليل وصلاة الفجر، هو توفيقهم لدرك ساعة اقتران ملائكة الليل الصاعدة وملائكة النهار النازلة، وهو المستفادة من قوله تعالى: ﴿كان مشهودا﴾ ولا شك أن شهادة صنفي الملائكة لعبادة المتعبدين في هذا الساعة، لهي شهادة مقبولة في العرش، وليعلم أن هذه الملائكة تتولى محاسبة العباد بإذن الله تعالى، كما أنها أيضا تستغفر لمن في الأرض.

  

سرور العرش

.٢٠ من الممكن أن يصلي العبد صلاة ليله دهرا، ولكن قد تكون صلاة ليلة من الليالي تقع موقعها في العرش، لما فيها من التلبس بزي العبودية الخاصة، وذلك كما لو قام العبد بمجاهدة معتبرة في هذا المجال، ومثاله ما ورد في الحديث النبوي] ثلاثة يحبهم الله، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم: الذي إذا انكشف فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل، فأما أن يقتل، وأما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا، كيف صبر لي بنفسه، والذي له امرأة حسنة، وفراش لين حسن؛ فيقوم من الليل، فيقول: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد، والذي كان في سفر، وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا، فقام من السحر في ضراء وسراء [ ومن المعلوم أن الضحك هنا كناية عن السرور والاستبشار، كما هو معنى اليد كذلك في قوله تعالى: ﴿يد الله فوق أيديهم﴾ .

  

إلقاء الثقل

.٢١ لو تأمل العبد في هذه الآية لانتابه الخوف من أن يكون من مصاديقها؛ لأنها تتحدث عن حالة لا يحب الله تعالى فيها الخير من عبده، فيلقي عليه الوهن ويثبطه عن العمل، وهو قوله تعالى: ﴿ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين﴾ فالآية وإن نزلت في مورد الجهاد ولكن من الممكن أن يثبط الله تعالى عبده عن الصالحات في حالات أخرى، وذلك عندما يريد خذلانه ومنها قيام الليل، فيتفق أن يقوم العبد من ليلته لأمر سوى الصلاة، ولكنه لا يرى في قلبه أي إقبال على قيام الليل.

أسرار الصلاة Where stories live. Discover now