الحلقة 17

1K 34 1
                                        

في ذلك اليوم :
خرج المُحامي من قصر شاد أغلو و هو يجُرُ اذيال الخيبة و الهزيمة ثم أمسك بهاتِفِهِ و اتصل بعزيزة
عزيزة و هي تضحك : ألو ايها المُحامي ما الأخبار
كيف كان أمرُ سحْبِ تلك الجرذان إلى أقفاصِها
المُحامي : سيدتي الأخبار سيئة
لم نستطع احضار السيدة إليف أو سجن جيهان و ابنهِ.
عزيزة بنبرةٍ غاضبة : ماذا تعني !!
المُحامي : أزاد و السيدة إليف تزوجا بالأمس
لا نملك الآن أي سُلطةٍ عليها .
عزيزة بقدميْنِ لا يكادانِ يحملانِها و يدَانِ ترتجفان أسقطت الهاتف من يدها و صرخت بأعلا صوتِها :
_ إلييييييييييييييييف
نعم إنَّهُ صدى القهر و رعشةُ بِداية الهزيمة ، إنُّهُ اِنْعِكاسَةُ دمعِ ريان في مُقْلتَيْها
و الخرابُ الذي خلَّفَتْهُ أفعالُها في صدُور الأبرياء هو الآن يسكن أعْشَاشَهَا ،
جثَتْ على رُكبتيْها و انكِسارُها يعلو ملامحها ، حتى الدمعُ من عينِها كان مُدنسًا ، تساقط على وجنتَيْها كالمطرِ المُلوثِ بالرماد ، أسودًا كَكُحْلِ قلبِها .
أسرعتْ إليها أسماء و رفعَتْهَا مِنْ على الأرض و أجلسَتْهَا على الكُرسيِّ بالفناء :
_ سيدتي ماذا حدث ؟ ارجوكِ لا تُخيفيني
عزيزة : ذلك الحقير الذي لم يرى ابنتَهُ يوما هو الآن يأخذُ حفيدتَهُ كنةً لِعائلتِهِ البائسة تلك ،
أسماء واضعةً يديها على فمها من الصدمة :
_ ماذا !!
عزيزة : مُكوثها هُناك خطرٌ علينا جميعا
ثم بدأت تبكي و تندُب : آهٍ يا إليف ، آهٍ يا أختي
قد ضيَّعْتُ أمانتَكِ
أسماء : لم أعهدْكِ هكذا سيدتي ، استجمعي نفسكِ و فكِرِّي بهدوء ، فكِرِّي بحلٍ دون أن تتأذى إليف أو شخصٌ آخر مُجددا
عزيزة : فَلْيَحْترِقُوا جميعا بالنار التي أشعلوها منذ عقود ، سأَدوسُ على صغيرهم قبل كبيرهم .
ثم أمسكتْ الهاتف مُجددا و اتصلت بالمُحامي :
_ تعالَ الى المكان الذي سأُرسِلُهُ لك الآن و معك ...
_ سيكون هناك شخصٌ ثالث لإتمام كل شيء
المُحامي : حاضر ، على الفور سيدتي .
ثم قالت في نفسِها لن اتراجع فقط سُنغيرُ مسار الخُطّة و انا أحبُّ الأكل الذي يُطْبَخُ على نَارٍ هادئة .
* في قصر شاد أغلو و بعد اعلان جيهان خبر الزواج ، بُهِتَ الجميعُ مما سمعوهُ و شاهَدُوه ،
كيف في يومين فقط مِنْ مَجيء إليف ، حصلت كُلُّ تِلكَ الأحداث ! متى تزوجا و لِما و ماذا سيحصُلُ بعدها ؟
خرستْ ألسنتهم من الصدمة لكن رؤوسَهم لم تصمُتْ
تدور فيها ألْفُ متاهة و ألْفُ سُؤالٍ
هزار : جيهان حُبًا بالله ماذا فعلتَ مُجددا ؟
جيهان : زوجْتُ ابني بفتاةٍ تليقُ بهِ و أبي وافق و باركَ زواجَهُما و في أقربِ وقتٍ سأُقيمُ لهُما زِفافا تتحدث عنهُ كُلُّ مديات .
هزار : ابنة أصلان أه ، هذا ما أخبرَكَ عقلُكَ المُتخلف بفعلهِ ، عن أي زفافٍ و أيُّ جهنم سنرقصُ داخلها و نحتفل !
نصوح : هزار لا تتَدَخلْ ، هذا الأمرُ لا يعينك
هاندان و ملامحُ النصر تعلو وجهها صعدَتْ للأعلى و ضربتْ كتِفَها بكتف زهرة مُتعمدةً ثم قالت :
_ عفوا ، لم أرَكِ هههه
اصلا انتِ و ابنتُكِ غيرُ مرْئيتَان بالنسبة لي
زهرة فتحت شفتاها و قبل ان تنطق ، ربتتْ ريان على كتِفها :
_ لا بأس أُمي ، دعيها تقول ما تشاء
سأصعد لغرفة إليف و أتحدث معها و افهم منها .
* اتجه ميران منذ الصباح الباكر للمشفى ليرى وضع جونول و يتحدث معها و كان فُرات بِرِفقتِهِ في السيارة
فرات : آغا ماذا قررت بخصوص جونول ؟
ميران : فِعْلتُها مع إليف كبيرة ، كبيرةٌ جدا آغا و لن أُسامِحها هذه المرة
تمادت و كادت أن تُزهِقَ رُوحًا بريئة
اِتَّصلُوا من المشفى من أجل اوراقِ دُخولِها للمصح و سننقُلُها اليوم
فرات : ماذا ؟ هل السيدة عزيزة لديها عِلْمٌ بهذا !
ميران : أصبح يَهُمُكَ رأيُ السيدة عزيزة في المقام الأول ، ماذا يا أخي ؟ اتصِلْ الآن و أخبِرْها إنْ أردت ،
اصلا ليس أمرا يُمكن اخفاؤهُ .
فُرات : لم أقصد آغا ، بل خِفتُ عليْكَ من ردة فعلها
ميران : لا تقلق جدتي مُوافقة على ذلك ، المهم عندها انْ تتحسن جونول و لا تؤذي نفسها او غيرها .
* طرقتْ ريان باب غُرفة إليف طرقًا خافِتًا :
_ إليف هل يُمكِنُنِي الدخول
إليف : طبعا أختي تفضلي
ريان : هل صحيحٌ ما سمعت ؟ هل فعلا تزوجتِ من أخي أزاد ؟
إليف : أجل ، بالأمس
ريان : هل أجبركَ أحدٌ على هذا ؟ هل فكرتِ جيدا
لا زال عقلي لا يستوعِبْ
إليف : لم املِكْ حلا آخر لتَتْرُكني عزيزة و شأني
و مثلما قال السيد جيهان هذا لضمانِ سلامتي و سلامتكم من شرّها ،
هو زواجٌ على الورق ، فقط لحمايتي و أيضا ليس لدي مكانٌ ألجأ اليه
ريان : آهٍ يا إليف ، أرجو انْ يكون مِثلما قُلتِ
ثم قالت في نفسها : ارجو ان لا تكوني ضحِيةً لزواجِ مصلحةٍ مثلما كُنت سأفعل سابقا و ان لا يكون باطنُ هذا الأمر عكسَ ظاهِرهِ .
ريان : أتعلمين إليف ، لليوم الذي زُرْتُكِ فيه بالمشفى و انا اظُنُّ انّكِ ابنة أسماء ، عرفتُ حديثا أنّكِ ابنة عم ميران
إليف و هي تضحك : و هذه أحدُ أكاذيب السيدة عزيزة .
عانقتها ريان و هي تمسحُ على شعْرِها :
اتمنى ان تجِدِ الأمان فعلا هُنا ، اتمنى ذلك .
* نزلت سُلطان لمقهى المشفى لِتَتَناوَل شيئًا و تشربَ القهوة بعد ليلةٍ أخرى مُتعِبة تقضيها على الأريكة بجوار ابنتها ،
و في تلك الأثناء وصل ميران و فُرات
قام ميران بالاجراءات اللازمة و حضرت سيارةُ الاسعاف لنقل جونول ،
دخل عندها و جلس على حافة السرير :
_ جونول ، جونول أَأنتِ بخير ؟
جونول و هي نِصفُ واعية :
_ حضرْتَ أخيرا زوجي العزيز
ميران : نحن ذاهبان لمكانٍ كي ترتاحي فيهِ و تتعافي
و الله إنَّهُ رغم كلِّ أفعالِكِ يحُزُّ في نفسي ما أنتِ عليهِ
جونول : هل سنذهبُ سويا ؟ لا اصدق
هل ستأخذني لمكانٍ جميلٍ كي نقضي شهر العسل ؟
* دخلت سُلطان للغرفة لتَجد سرير صغيرتها فارغ ، اسقطت كوب القهوة من يدها و صرخت :
_ جونول ، جونول اين ابنتي ؟
الممرضة : حضر زوجُها قبل قليل الى هنا و هم ينقُلُونها الآن إلى المصح
ركضت سُلطان مُسرعة و هي تَسُبْ و تلعن و تبكي و تصرُخ :
_ أيها الحقير ماذا فعلت
كانت سيارة الاسعاف في ردهة المشفى ، الباب مفتوح و النّقالةُ التي عليها جونول يسحبونها للداخل ، ميران جالسًا أيضا على حافة الكرسي
سُلطان : انتظروا ، انتظروا و صعدت معهم
بِكُلِّ ما أوتِيَتْ من قوّة و غضب صفعت ميران و بزقت على سِرْوالِهِ
_ خسارةً ان يلبس حقير مثلُكَ لباس الرجال ،
و تأخُذُ صغيرتي بيديْكَ إلى الجحيم آه !
ميران و هو يستشيطُ غضبا و يقبِضُ على يديْهِ :
_ سُلطان ، للآن أحترمُ كونكِ امرأة و زوجة عمي
و الا أقسم انني ..
سُلطان : أنّكَ ماذا ؟ هل ستضرِبُني أو تحتجِزُني في زريبةً مثلما ...
ميران : مثلما ماذا ؟؟ أكملي
سُلطان : أكبر عقابٍ لك عِشْتَهُ و لازِلتَ تَعِيشهُ
امَّا بقيّةُ الجُملة ، اسأل جدتك عنها
وصلوا للمصح و نزل ميران مُباشرةً ثُمّ ركِبَ السيارة التي كان يَتَتَبَعُهُمْ فرات فيها مُتَجِها للقصر ،
و حين وصل كان يصرخُ من الباب مُناديًا جدّتَهُ
أسماء : صغيري السيدة عزيزة خرجت منذ الصباح و لم تَعُدْ للآن .
ضربَ ميران الباب بيدهِ :
_ تبًا
ثم خرج مُجددا .
* في المساء دخلتْ ريان إلى غُرفتِها و هي لا تَزالُ قَلِقَةً على إليف و ما سيترتبُ عن هذا الزواج ،
و عن وضعِهَا هي و ميران ، و هي تتنهد :
_ آهٍ يا ميران ، لم أركَ منذُ يومين
متى سنجتمعُ و نتنفس سوِيا حُبَّنَا بعيدا عن المشاكل
و فجأة و هي شاردة سحبَها أحدهم و أغلق الباب
ريان مُندهِشة : ميران ! ماذا تفعلُ هنا ؟
ميران و هو يسحبُها إلى الزاوية واضِعًا كلتَا يديْهِ على الحائط و هي محصورةٌ بيْنَهُما :
_ اشتقتُ حبيبتي ، احترقتُ من الشوق
ريان : و أنا اشتقتُ اليك جِدًا (Seni çok özledim)
ميران و هو يقتربُ أكثر منها حتى إلتسقَ أنْفُهُ الجميل بأنفِها :
_ حقا ؟ أُريدُ أن اعرف مدى تِلك الجِدًا
ريان و قد تلونتْ وجْنَتَاها بلونِ الكرز :
_ يا ميران ، ما خَطْبُكَ ؟
ميران غير مُبالٍ بشيء و قد غرقَ قلْبُهُ بِحُبِّها و غابَ عقْلُهُ بِسِحْرِ عيْنيْها ، يُريدُ أن يُغْرِقَ شِفَاهَهُ أيضا بالورد الجوري النائم هُناكَ
اقترب و اقترب ثم أغمض عيْنيْهِ و في تلك اللحظة
طَرقتْ جول الباب :
_ أختي ، هل بإمكاني الدخول ؟
إنْحَنَتْ ريان و خرجتْ من تحتِ ذِراعِهِ مُضْطربة :
_ ميران ، اختبىء بسرعة ، اختبىء
ميران : تبًا ، توقيتٌ مُناسبٌ جدا للسيدة جول
جول : أختي ، حبيبتي لم استطع النوم
هل بإمكانكِ أن تُغني لي تلك التهويدة الجميلة
ريان : طبعا ايتها الأميرة ، تعالي الى حُضْنِي
ثم اسْتَلْقَيَتَا على السرير و بدأت ريان بالغناء بصوتِها العذبِ الدافىء ،
بعد عشرة دقائق
جول : أظُنُنِي نعستُ ، لُطفا أختي احمليني إلى الفراش
ريان : تدللي ، تدللي أيتها الجميلة
حملتها الى غُرفتها و حين عادت وجدتْ ميران مُستلقيًا على سريرها
ريان : أجُنِنْت ! ماذا تفعل ؟ و أمسكتُهُ من يدهِ
_ لُطفا قم ميران ، يجب ان تُغادر قبل ان يراكَ احد
ميران : لو غنيتِ أغنية أطول او اثنتان او ثلاثة آه
كِدْتُ أن أختنق في تلك الخزانة
ريان و هي تضحك :
_آسفة ، ماذا كان علي أن أفعل ؟
ميران : هذا
و سَحَبَها من يدِها و ألقاها بجانِبِهِ :
_ على فكرة صوتُكِ جميل جدا ، يُدغدِغُ الروح
بإمكانِنا النوم الآن و أنا احضُنُكِ هكذا و أنتِ تُغنينَ لي
ريان : أقسِمُ أنّك جُنِنْتَ ، ارجوكَ اذهب الآن
ميران : حسنا ، حسنا
قامُ و هو يتمايلُ و يضحكُ بعينيْنِ ساحِرتيْنِ ، ثم اتَّجهَ نحو الباب و فجأةً على حين غفلة منها سحَبَ من تلك الشِفاه قُبلةً تَعْتَلِي صهوة الشغف و تفوقُ الشوق تمَرُدًا ،
_ زوجُكِ العزيز لا يتركُ شيئا ناقصا ، يجبُ ان يُكْمِلَهُ .
و رحل حامِلًا نسيم أنفاسِهَا بين أضلاعِهِ ، تاركًا إيّاها تموجُ في بحر حُبِّهِ راغبةً بغرقٍ أبدِيٍّ على ثنايا صدْرِهِ .
* كَكُلِّ الصباحات الغيْرِ هادئةٍ ، المليئةِ بالاثارة و الأحداث حلّ هذا الصباح الجديد
فتحتْ حنيفة الباب و هي تبتسِمُ ابتسامةً خبيثة :
_ سيد نصوح ، هُناك رجلٌ يُريد مُقابلتكَ
نصوح : تَبًا ، أنت من جديد يا مُحامي النحس
المُحامي : جئتُ الى هنا بصفتي مُحامي المالك الجديد للقصر
قالها و هو يحمِلُ لافتة كُتِبَ عليها :
قصر عائلة ديربانت
_ لدَيْ خبرٌ جيدٌ لكم ، صاحِبُهُ سَيَسْمحُ لكم بالبقاء لفترةٍ لكن شرْطُهُ الوحيد أن أُلصِقَ هذه مكان القديمة المكتوب عليها اسمُ عائلتكم "شاد أوغلو"...

‫ ‏بقلم الكاتبة : كريمة عوجيف ( فيس عائشة م ر )

زهرة الثالوث - Hercai Where stories live. Discover now