الفصل الثاني

157 15 3
                                    

لـــقــاءالــجــبــابــرة

جلس گلگامش عِندَ قدمَي الحكيمة أمُه ننسون، و سَأَلَها تفسيراً لرؤياه:
_يا أمي! لقدْ رَأيتُ اللَيلةَ المَاضيةَ حُلماً.
رأَيتُ أني أَسيرُ مُختالاً فَرِحاً بَينَ الأبطال.
فَظَهرت كواكبُ السَماءِ و قَدْ سَقَطَ أحدُها إليّ، و كَأَنهُ شِهابُ السماء.
أَرَدتُ رَفعَه لَكنهُ ثَقُلَ عَليّ.
و أَرَدْتُ أَن أُزَحزَحه فَلَم أستَطع أَن أُحَرَكه.
تَجمَعَ عليه أَهلَ اوروك، ازدحمَ الناسُ حَوله، و َتَدافعوا عليه. و أجتَمعَوا عليه أصحابي يُقَبلَون قَدَمَيه.
انحنَيتُ عَليه
و ساعَدوني في رَفعَه و حَمَلتُه إليكِ
فَجَعَلتِه نَظيراً لي.

ندت عن امه ابتسامة بهجة و سرور:
_أنَ تَفسِيرَ رُؤياكَ هذهِ، أنَه صاحبٌ لكَ قَوي، يُعينُ الصَديقَ وَقتَ الضِيق، 
أقوى من في البَراري و ذو عزمٍ شَديد.
أما انحَنَيتْ عَلَيه، فَمَعناه أنَهُ سَيُلازِمَكَ، و لنْ يَتَخَلى عَنك.

تفكر گلگامش بما قالته المبصرة امه، و قال لها:
عسى أن يَتَحققَ هذا الفَألَ العَظِيم، فَيَكُونُ لي صاحب.

حينما كان الملك يقصُّ رؤياه على أمه، كانت شيخارا قد وَصَلَت بانكيدو إلى مشارف المدينة، و قرروا إمضاء الليل في احد بيوت الرعاة، و حينما طرقوا بابهم، لم يَرِدوهم خائبين، وقَدَموا لَهم الخُبزَ و الشراب، تَحيَّرَ و اضطرَب، فهو لم يكن يعرَف كَيفَ يؤكَل الخبز. بقي انكيدو يطالع الشابة، و هي تمزق الخبز و تضعهُ في فمها، فلما لاحظته شرعت بتمزيق خبزه و مَدّهِ إليه ليأكله:
_كُلْ الخبزَ يا انكيدو فإنه مادة الحياة.

أَخَذَه منها و دَسَّهُ في فمه مثلَّما تَفعَلُ هي، و طابَ لَهُ طعمه، و استساغ مذاقَ الشراب، فتهلل وجهه و انشرح صدره بعدما مَلءَ مَعدته.

قضى الاثنان ليلتَهُما في بيت الراعي، و في منتصف الليل سَمع انكيدو وحده صوت غريب و كأنه يألفهَ. و َ لَما خرَج وجد ذئباً تتربص لأغنام الراعي.
من دون أن يخاف، من دون ان يحذر، هجم انكيدو على الذئب،  و طارده حتى حَرَمَ الرجوعَ مرة اخرى.
و لاجل هذا سُعِدَ اهل المرعى باستضافته عندهم لوقت أطول.

في اليوم التالي كان هناك رجل قد عاد لتوه من وسط المدينة، و هو يشكو أفعال گلگامش، كيف يعتدي و يأخذ من البنات من يشاء، و لا يوجد له رادع.
و حينما سمع انكيدو الخبر، طلب من شيخارا ان يكملوا مسيرتهم إلى اوروك ليضعَ حداً لجبروت گلگامش.

و لم تكن مسيرة نص يوم حتى بلغ انكيدو و فتاته وسط اوروك،  منتصف الشارع و السوق، فتجمعَ الناسُ من حوله، و راحوا يتهامسون فيما بينهم:
_أنه مثيلُ لگلگامش، أَقصَرُ قامة إلا أنه قويٌ عَظيم.

و قالَ اخر:
_ في أوروك الان؛ لن تنقطع قعقعة السلاح.

أشار الجميع إلى الصراعِ الذي سينشب الان بين هذين القويين، و هم في لهفة من أمر ذلك.

و حينما أراد گلگامش الذهاب إلى غرفة الفتاة التي أحضرها الجنود بأمره هذا اليوم؛ ظهرَ انكيدو هناك له ليسدَّ الطريق هائجاً حانقاً.
فعرفه فتى البراري حالما وقعت عيناه على شيخارا وهي تقف من بعيد تراقبه، إلا أن الملك استشاط غضباً لتجرأ انكيدو هذا على الوقوف في وجهه، فانقض عليه مهاجماً. و راحا يتصارعان بشكل مخيف و ثائر.

و تمكن گلگامش من السيطرة على انكيدو و حمله فوق رأسه وهو يثني ركبته، و قدمه مثبتة على الأرض، إلا أن الملك قد هدأ غضبه و أنزل عدوه، دون أن يؤذيه و نهض مبتعداً عنه

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

و تمكن گلگامش من السيطرة على انكيدو و حمله فوق رأسه وهو يثني ركبته، و قدمه مثبتة على الأرض، إلا أن الملك قد هدأ غضبه و أنزل عدوه، دون أن يؤذيه و نهض مبتعداً عنه.

صاح انكيدو عليه، و هو مرمياً على الارض بعد هزيمته، و خاطب گلگامش:
_أنكَ الرجل الأوحد. المقدر له الملوكية على البشر.

و كان ذلك إعتراف لأنكيدو بقوة گلگامش و أحقيته بالملك.

رحلة گلگامش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن