Chap. 2

63 3 8
                                    

الليلة الرابعة منذ فقدانه ( منتصف الليل)

ما زالت لا تأكل ولا تتحرك من مكانها، تجلس على السرير تحدق في الفراغ فقط وتعبث في مقتنياته وكتبه بين الفينة والأخرى..
وبقية اليوم نائمة على تلك الأرضية الباردة تتخيله
أجفلت حين رن جرس المنزل فجأة.. الوقت متأخر جدا ووالديها حدثاها قبل خلودهما للنوم.. وآسر سافر مع أصدقاء للعمل ولن يعود قبل يومين
ربما أطفال صغار أو أحد الجيران سيسأل عن شيء ما.. هكذا هدأت نفسها
عدة ضغطات ملحة مع طرق مستمر وعنيف من الشخص الواقف على الباب ولكنها من الخوف لم تتحرك، ربما يكون سارقا أو شيئا من هذا القبيل وقد علم أنها بمفردها في المنزل..
ستنظر فقط من الواقف ثم تعود أدراجها إن لم تعرفه، هبطت إلى الأسفل وبينما كانت تمر من غرفة المعيشة نحو البهو الذي يوجد باب المنزل في آخره اصطدمت بأحد ما..
تراجعت إلى الخلف بسرعة وهي تحدق ف الواقف أمامها.. ملابس ممزقة ومتسخة.. وجه مغطى بالكامل بالدماء وكل قطعة في جسده تنزف.. طوله الفارع وجسده القوي الضخم بثا الرعب في قلبها
تراجعت أكثر وهي تبحث عن شيء تضربه به محاولة مع هذا عدم لفت انتباهه..
نطقت بخوف تحاول جاهدة أن تخفيه " من أنت وكيف دخلت إلى هنا؟ "
لم يتحدث بل بقي ينظر نحوها بعينيه المحمرتان المنتفختان.. لمعت عيناه بطريقة غريبة في ظلمة البهو الصغير..
تحدثت بخوف مجددا " لا يوجد لدي ما تسرقه"
عادت إلى الخلف خطوات قليلة وهي تتذكر ان الغرفة المجاورة وضع مفتاحها من الداخل كما أن الهاتف الأرضي هناك.
وفي ثوان كانت تركض نحو تلك الحجرة ولكنه كان اسرع منها.. صرخت حين التفت يداه حول خصرها يطوقها بعنف وقد ارتطم ظهرها بصدره العضلي بقوة، قيد كلا يديها بذراعيه مما جعلها تحاول تحريك ساقيها بعشوائية في الهواء لتتحرر منه..
ارتعبت حين قيد كلتا ذراعيها بيده اليسرى وبدأ يمر بيده اليمنى على ذراعها وصولا إلى عنقها وهي تشعر بانفاسه الساخنة على وجهها..
صرخت به " ابتعد عني يا حقير.. من تحسب نفسك لتفعل هذا، زوجي ظابط وهو قادم الان وسيحطم جمجمتك.. ساعدوني "
صرخت مستغيثة بالجيران في آخر حديثها
ادارها اليه بسرعة وفي لمح البصر ارتطمت شفتيه بخاصتها وهو يقبلها ببطء بينما يحتضن وجهها برقة..
هو يقبلها هكذا كما أن هذه رائحته وهذه أنفاسه التي تحفظها جيدا..
ولكنها مع ذلك دفعته عنها بعنف بينما تصرخ مستغيثة ولم يبعدها ذلك الا خطوة واحدة بسبب دفعتها الضعيفة مقارنة به.
أدركت انه لم يتزحزح من مكانه بل تركها لتندفع هي إلى الخلف جراء حركتها الضعيفة..
نظرت نحوه وقد تملكها الهلع من هذا الغريب.
تحدث أخيرا بصوت مرتجف بالكاد سمعته " لا تنظري نحوي بعين ملؤها الخوف هكذا"
يا إلهي.. ها هو زوجها يقف أمامها تماما بعد انتظار في الجحيم دام لأربعة أيام ورغم كل هذا تيبست قدماها خوفاً ومنعتها من التقدم نحوه..

كانت هيئته مخيفة جدا كمن استيقظ من الموت مرة أخرى وتلك الضمادات التي تخفي وجهه وقد تلوثت بالدماء تماما تبدو مرعبة..
لم تكد تتحدث حتى سقط أمامها على الأرض مصدرا ضجيجا عاليا قطع هدوء المكان..
بدأت حينها صدمتها تخف تدريجيا وهي تجلس بجانبه باكية تحاول لمس وجهه بيديها المرتجفتان..
كانت تحرك يديها فوق جسده دون لمسه بينما تنتحب بعنف غير قادرة على التفكير بسوية..
حاوطت وجهه بكفيها أخيرا وهي تناديه ليستيقظ، تحسست نبضه واستمعت لأنفاسه.. كان كل شيء يبدو بطيئا كحال الزمن معها الآن
نادت اسمه مرارا وتكرارا وصوتها يعلو شيئا فشيئا حتى فتح عينيه أخيرا وهو يطلب منها القليل من الماء.. سقته الماء ولم تفعل بعدها سوى أنها ضمته إلى صدرها بقوة و بادلها هو عناقها القوي ذاك ليزيلا بذلك كل آلام الليالي الماضية..

the lone survivor | الناجي الوحيدWhere stories live. Discover now