هراء

1.7K 85 1
                                    

قضيتُ الكثيرَ من عُمري في الهُروب، حتى أصبحتُ عاجزًا عن التنفسْ؛
وذلك لأنَّ الشخص الذي أهربُ منه دائمًا، بداخلي.
أُخبره دائمًا أنْ يُبقي الأمور هادئةً
بيني وبينه ..
يُجيبني بصُعوبةٍ: أنَّه يرغب بذلك حقًا
بأنْ يُبقي مسافةً بيني وبينه ،،
بأنْ يَبقى مختبئًا في ظلي؛ كي لا يراه أحد،
إلا أنَّه يتعثر دومًا في الرحيل وما يلبث أنْ يعود ويظهرُ على ملامحي مجددًا.
إنِّي أسمعُ صرخاتَه المُدوية جيدًا
وهو يعلم ذلك،
يعلمُ أنَّ صداها يهزُّ جنباتي كالزلازل ..
يصرخ طلبًا للنجدة كمن يغرق في رمالٍ مُتحركة.
ولكنني لا أعلم كيف أُنقذه؛
فأنا لطالما عجزتُ عن إِنقاذِ نفسي ..
والأمرُ أنَّنا سنموت جميعًا كالكثير من الذين يموتون من حولي،
وهذا ما يبعثِ الطمأنينة بي قليلًا:
أنِّي في نهاية المطاف سأُحافظ عليه كسرٍ أُخفيه عن الجميع.
فأنا لطالما كنت مرتعبًا،
ليسَ من البقاء على قيد الحياة،
ولكنْ من الشعور بالألم هذا والعيش معه ..
فأنا لا أستجدي المُساعدة مثله.
وكل ما أريده الأن هو اقتراح مناسب للقِيام بها.
فأنا أعجز عن أن أعكس نفسي للأخرين،
وأن أشرح لهم ما بداخلي..
فهل مشاعري المُضطربة هذه تقلل من قيمتي كرجلٍ يفتقد الكثير ؟!
فأنا اعتدتُ الفوز دومًا، حتى أصبحَ من الصعب لي أن أخسر،
فخسرتْ.
وليست المُشكلة بي؛
بل بهذا الذي يُقيمُ بداخلي الكثيرَ من الأحزان ..
لذا قررت أن أقوم بها ..
قرارٌ صعبْ، وتغييرٌ جذري في الأحداث..
ولن أقوم بها لأحصل على الحب أو الشفقة من الآخرين،
فأنا لو أردت ذلك لكنت كتبت أغنيةً تشرح معاناتي وغنيتها أمام الجميع.
وليقرأ كلامي هذا من يقرأ لم يعد يهم ذلك.
فكل ما سأقوم به هو أنني سأخلد نفسي كذكرى تتعلق في أذهان الناس ولا تنجلي..
لو أنني سأموت غدًا وأرحل
فليَنزف دمي بغزارةْ
حتى تغرق هذه السَّجادة التي أتساقط عليها يوميًا وأتكسَّر كإناءٍ يحمل وردًا نَبَتَ ليُوضع على قبر ،،
فأنا وأخيرًا سأبقى مخلدًا للأبدْ.
ولِيَكُن هذا وعدي:
مهما تَقَرَّر فعلها وانقضت
سأكون الزهرة التي تنمو وتتفتح في الحقل،
وسأكون الروح التي تصعد نحو الشمس فتزيد سطوعها.

أقتباسات ✓Where stories live. Discover now