لا تتشابَه أسبابُ الرحيل

2.1K 272 42
                                    

"ما الذي يستحِق أن أتمسّك بالحياة لأجله؟"

سألها على حينِ غفلة، وتركيزه لا يزال مصوبًا ناحية السور الذي ترجّل عنه.

بالنسبة لها، كان كل شيء يتكرر بذات التفاصيلِ، الملامِح، والمشاعر المقيتة. ورغم ذلك فها هوَ يلتمس منها اجابة لم تملك دليلًا عن ماهيتها؛ مما جعلها ترفع كتفيها وتجيب بصوت فشلت في منعه ارتجافه "أنا أيضًا لا أعلم، هيڤ. لكنني كما تراني.. لا زلتُ على قيد الحياة".

شعور بغيضٌ اجتاحها؛ بجانب أنها تكذِب بوجهه كعادتها، أن كيف سؤالها وهو يقف أمامها الآن؟ هل نسي بالفعل أمر تركه إياها بذات البقعة قبل أربع سنوات. أوَ لم تكن سببًا كافيًا لبقائهِ وقتذاك؟

"كلانا يعلمُ أن الأمور لم يقدّر لها أن تكون بخيرٍ يومًا"
قالها، وخيبةٌ جعلت رعشة تسري ببدنها.

ليست حقيقة الكلمات وحسب، بل بقايا آثارها على وجهه الذي دنا للأسفل مجددًا.

بالتأكيد لم يُقدّر للأمور أن تكون بخير،
وعدا عن ذلك، ما كانت لتجد نفسها بهذا الموقف..
أرادت قول ذلك، لكنها فقط قضمت باطن خدها غير موقِنة لما يناسب موقفًا كهذا. وحينها لاحت لها فكرة نبست على عجلة "ما رأيك بأن تبتعد عن الحافة، وتحدِّثني، وإن وجدتُ نفسي أشعر بما تشعر به فسأنضم لك، وأُخبرك بأن لا شيء كان ليُصبح بخير أبدًا"

تهدج صوتها. تعلم كم هي بعيدَة عن النجاح في محاوَلتها التي تميل لِأن تكون يائسةً منها لِرغبَة مستميتة في ايقافه مهما كلّف الأمر. لكن ما الأفضل من الحصولِ على تفسير لطالما بحثت عنه لسنوات، في مقابل أن تتفهم كونها أُصيبت بالجنون أخيرًا لترى كل هذا وكأنه حقيقة؟

"تعنين أنك ستحكمين على الأسباب التي دفعتني لفعلها؟"
سألها بسخرية لاذعةٍ، لتهز رأسها وتلوح بيديها نافية

"ليس ذلك ما عنيته. لك أسبابك، وأنا لن أستحقرها. كل ما أطلبه وأعِدك به هو أنني- سأستمِع هذه المرة"

أطبقت شفتيها فور ذلك، وثقُل الجوّ حين اكتفى بالنظر بها مطولًا دون رد.

فاسترسلت بعد دقائق شاعرةً بوخز يطغى على مقلتيها مُنذرًا بذرفٍ "فقط أرجوك، لا تفعلها. بحق السماء! أنا لا أعلمُ ما يحدث ولا أعلم لمَ أستطيع رؤيتك الآن، ولا حتى ما يجب عليّ فعله أو ما توجّب علي فعله، لكنني لا أريد أن أفقدَك مرة أخرى، حتى لو كنتَ مقدّرًا للتلاشي في طرفة بأيّ حين. ابقَ"

أسرعت بكفكفةِ أدمعها بكفّ مرتجف، ولعنت أثناء ذلك الكثير من الأشياء بذهنها، منها وعدها بأن لن تبكي بهذا اليوم كما فعلت قبل أربعِ سنوات. لكن كيف لها ألا تفعل الآن؟

رأيتُ هيڤنWhere stories live. Discover now