الفصـل الثامِنْ عشـر.

15.8K 459 41
                                    

رِواية:" بـراثِن الذِئب"
- " الفصِل الثامِنْ عشِر".
__

" هُناك ثغرات بقُلوبنِا حِين يتمِّ فتحها، لانجد سبيل لإغلاقها إلا بِالبُكـاء".
هتفت بترِدُد وصُوت مهزِوزِ:
- أتَقتلت؟ إزايّ ومِينْ اللي قتلها؟!
مَسح "شِهاب" على شِعرهُ ببعِض الجِمُود، ليتنهـدِ قائِلاً بصِوت ثابـت وهُو ينظُر لعينىٰ حُور الفُضولية:
- مِش هقـدِر أقُولك.
أمسكتهُ مِنْ ذِراعيهِ بقُوة قائِلة بحدِة وعصبية:
- أنطِق ياشِهاب، انا العفاريت بتطنطت حُوليا، أنِطق وريحني!
صكّ على فكِيهِ بغضب، لينطِق :
- الحكِاية بدأت لما أبُويا وأبُو زاهـرِ أشتغلُوا مع المافيا، وكُل واحدِ فيهم قرر أنِهُ يتخلى عن الشُغل .. المُهم أنا مِش عارف باقي الحكِاية لان صُهيب هُو اللي عارِف كُلِ حاجة.
أكمـل :
- عِرفنا مِن حد أنهم قتِلُوا بعض بسبب الشُغل طبعاً ده كان كدِب، لان أبويا وأبو زاهـر كانُوا صحاب أوي، زاهـر أفتكِر أن أبويا هُو اللي قتل أبوهُ .. للأسف زاهِر كان بيحِب نُورانْ بس الخبرِ عماه وقتِلها لمَّا طَلب أنهُ يقابِلها .
- أزاي ! أزاي بيحبها ويقتِلها! في حاجِة ناقصة يا شِهاب.

الذِكرى أوجِعتهُ بشدِة، ذِكرى أخُته الكُبرى ومظِهرها وهي مِقتُولة لازَال يُزاحـم نفسهُ المُرهقة، هتف بعصبية ودُموعهُ تهطُل بغزارة من عينيهِ:
- مَفيش حاجَة ناقصة ياحُور، زاهـر كلب طُول عمرهُ والقتل بيجِري في دمهُ، نُوران مفركِتش معاه بالرِغم أنهُ كان كُل حاجة ليها
نظِرت إليهِ بحُزن بالغ، حِينْ آتت للعمِل، لم يُذِكر لها عن إسم'نُوران' ولُو بالخطـأ، ولكِن دِمُوع شِهاب .. جعلتها تشِعُر بالآسىٰ قليلاً على صُهيب، كانت تؤامتهُ وماتت ولم يثأر لها، رِبتَّت على كِتفهُ قائِلة بهُدوءِ وبنِبرة حزِينة:
- شِهاب كُلنا بنفتقد ناس كانُوا أقرب حدِ لينِا، بِس ليه مِش قادِر تفكِر لُو هي بجـدِ حبيبتهُ وكان بيحِبها زِي مابتِقُول، يبقىٰ مُستحِيل يقتِلها ياشهاب .. فكـرِ.
دَفع كفها مِنْ ذراعهُ بحدِة، ليمِسح دِمُوعهُ قائِلاً بعصبية حادِة وهُو ينظُر لها:
- أنتِ اللي مِش قادِرة تفكِري ولوُ ثانِية بشكِل تاني، العالم مِش وردِي ياحُور، الدُنيا رماد كُلها أسود في أبيض، محدِش كُويس .. كلهُم صور ببروازِ جنان، بِس الحِقيقة، هُو اللي أقتلها، هُو اللي جِيه في نُص القصر كلهُ شايلها وهي ميتة ومكِنش عندهُ ذَرة حُبِّ ليها .. انا شايف أن الحُب لعبة، والفايز هُو اللي بينجح في كِسر التاني.

سمِعت "عشق" حدِيثهُ الغاضِب بالخارِج، لترتدِي شالها حُول رأسها بشكِل فوضاويّ، ليتسمِع كُل ماتحدِث عنهُ، أصبحت تلُون نِفسها كَثيرًا علىٰ فعلتها القبيِحة .. لتجدِهُ يسُرع لخارج الطابِق راحِلاً .. لتفتح الباب بِسُرعة وتتجهِ خلفهُ تنُادِيهِ .. ولكِنهُ لا يُنِصت ..

نزَل للطابق السُفلي الفارِغ من الأشِخاص، لتلحقهُ وتمَّسِك بذِراعهُ بقُوة حتى لايدِفعها بعيدًا عنهُ، هتفت بِرجاء:
- شِهاب أقف لُو سمحت ..
عض على شِفتيهِ بغيظِ، ليمِسك ذراعيها بقسوة آلمِتها قائِلاً بجفـاء وثُورانْ فنيرانهَ تلهب قلبهُ بشدِة:
- إنتِ ايهِ .. انتِ معندِكِيش أي دم، أبعدِي عني. فاكِرة اني فعلتك دِي بسيطَة، عُمر الغلطَة البسيطة دِي بتفضل تافهة!
لازِم تجرح توجِع ..
دِفعها بعيدًا عنهُ، وأستـدارِ لكِي يرحِل إلا أنها احاطت خصرِهُ بقوة قائِلة ببُكاءِ:
- كُلنا بنغلطِ ياشهِاب، بِس أنتَ مِش أقل من وجعي، أنا فضلت أحبك وأنا بشهُور مبفكِش .. ولما أخيرًا أفتكِرت انك حبتني بجد، صدمتني بكُل قسوة وقعتني من أحلامِي، طلعت غير ما كُنت عايزِة .. واوحش حاجة انك طلعت مابتحبنيِش.
أستدار ليمِسك كِفها إليهِ قائِلاً :
- انا مُستعد أطلقك وأبعد عنكِ..
هزِت رأسها قائِلة:
- لأ أنا آسفة بِس أنا خايفة انك تعمِّل كده في أي وقت، وأنك متجُوزني علشـان ..
هتف بإستخفاف وهُو يبتسم بجانبية مُستهزأً:
- علشان انتِ حامل؟ .. أنا عارف أنك كَدابة ياعشق، اللي حِصل مابينا ميخلكِيش تحملي! .. وكل ده علشان أخُوك ميتقتلش.. كُنت فاكَراني عبيط وانا مِش واخد بالي من نظراتك للدكتورة علشان تكدِب!..
- أمُال أتجُوزتني ليهِ؟ مُستحِيل يبقى علشان تنتقم مني باللي عملتهُ .. مِش عايزِة يبقى ده السبب.
هتفت بكُل يأس يتملكها، تنظُر إليه برجاء وقلبها ينزف آلمًا ووجعاً جَّم، إبتسم تارِكاً ذراعيها بهُدوءِ:
- كُويس أنك عارفة الإجابة.
تركـها ورَحل من القصر، لتَبقى وسط الظُلمة الحالكِة، ولايتبقى سُوى ضُوء القمِر الذيِّ يُنير حُزِنها وبُكائِها الشدِيد، لماذا كُل تتمناهَ لايحُدِث وكأن القـدر يستحب أن يراها تتعذِب بهذا القدِّر من الآلم!

براثن الذِئب.✅Where stories live. Discover now