ثُم يَميل.. عَن لحظات الموت الصامتة

151 6 0
                                    

ها هو يجلس بارتخاء القرفصاء فوق أريكته المُمزقة لا يُحدِث أي ضجيج، لم يهمس بأنفاسه همسًا يقطع عَبره حبل الصمت السائد في الأرجاء... فلا شيء بات يَهُز كيانه في تلك الدقيقة على وجه الخصوص؛ غرفة ضيقة يسودها السكون وقلب ينبض برفق غير مألوف... هذا كُل ما كان. كان يشعر بأطرافه دون أي شك، يشعر بهم ويكأنهم مغلولون بأثقال يعيقون الحركة كُل الإعاقة فباتت الانفعالات عند أقصى طبقات الثِقل والعُسر... حتى أن تصويب بصره نحو الحائط المُجاور تطلب منه مجهود رهيب يتغلب به على نوبة الارتجاف التي تغطي جسده البارد المُصفر وعيناه المسودتان اللتان ترشحان بؤسًا بفعل المرض. من يدري على ما تحثه تلك الأجواء... رَفع كأس نبيذه نصف الفارغ ولم يرتشف منه قطرة واحدة ولكنه ظن نفسه شرب كل ما فيه فأضحت حالته تتطلب مزيدًا من الشفقة. يسقط الكوب الزجاجي من يده المرتجفة فينكسر وهو لا يزال يقبض على فراغ كأس النبيذ بأصابعه... إلى أن بدأ يميل عن يساره بذات الهدوء وبملامح وجهه الثابتة، يميل فيختل توازنه اختلالًا يرميه من فوق الأريكة رأسًا فتضرب جبهته الأرض الحجرية ثم تميل رأسه تدريجيًا فتلقى بقايا الكأس المُحطم لتُغرس بها برفق... وهو لا يزال عند موقفه لا يُحرك ساكنًا من بدنه ولا ملامحه تغيرت... ثم سالت الدماء.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Nov 22, 2019 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

ثُم يَميل..Where stories live. Discover now