(2) لم تعد صديقي

338 45 112
                                    

ففي بعدك دثار يبدد مخاوفي

أقبل مساء الخميس مشحوناً باضطرابٍ حاد وحيرة لا أمل بتلاشيها، كانت الساعة تشير إلى العاشرة

مستلقٍ على سريره يلعب بحزمة المفاتيح خاصته وعيناه شاردة في سقف حجرته البني المزخرف، رغم اتساع الحجرة وسريره الناعم، إلا أنه لم ينعم بالراحة اطلاقاً، ففي عقله آلاف التساؤلات

كمن أطبق الخناق عليه واعتصرته الدنيا بقسوة، ومن عذرٍ أول إلى التسعة والتسعين لم تكن كفيلة في حل تلك الريبة والوجل القابض على قلبه.

فأي سبب هذا الذي يجبر رفيق دربه الذي كان معه في فرحه وترحه أن ينسى عهدهم أمام الله في المحافظة على روابطهم المتينة من الانحلال؟!

زفر بثقل ثم كرر أخذ الهواء وإخراجه بهم وقلق، مشكلة صديقه أنسته مهامه الليلية، و أغلقت أبواب همه الثانوية

ليقطع شروده دخول فتاة شقراء دون استئذان وعلى وجهها ابتسامة عابثة وبيدها طبق من الفواكه، بدت نحيلة ببجامتها الحريرية الفضفاضة ذات اللون الزهري.

حثّت خطاها متجاهلة عتابه لدخولها المفاجئ وبقفزة رشيقة جلست على السرير مما أجبرته على النهوض قائلاً بامتعاض

-أليسار لا تزيدي الطين بلّة و تحفرين قبرك في حجرتي اخرجي بسلام قبل انفجاري

أمسكت قطعة من التفاح تتفحّصها ثم قضمت نصفها مجيبة

-لم كلُّ هذا الغضب؟! ما شأني إن هجرتك حبيبتك، لم أستطع النوم فأتيت علّي أتسلى معك قليلاً

خطفت نظرة عليه و قبل أن ينفجر إثر جوابها اللاذع أردفت في دفاع

-أمزح معك، أنا هنا بصدد المساعدة صدقني

تكتّل الغضب في صدره وبلغ ذروته ليختنق به ثم زفر بألم، وأجاب بهدوء

-اذهبي للنوم، لا رغبة لي بالحديث

همدت وحدّقت في وجهه لثوانٍ قبل أن تجيب بنبرة غاضبة

-ساري ذاك المزعج يفعل كلّ هذا بك، انظر لنفسك يا رجل، من يراك يظن أنك ناجٍ من كارثة لا زالت بقاياها عالقة فيك، كم مرة تشاجرتما وبعدها تصالحتم، لا تهوّل الأمر، كلها أيام وتنجلي الأغشية لتعلم أسباب صنعها

-الأمر أكبر من شجارٍ عادي هذه المرة، هناك أمر أتوجسه، وأخشى صحته

أوجلتها كلمات أخيها المبطٍنة لتسأل بفضول بعد أن تخلّت عن طبق الفاكهة ووضعته جانباً

الأشينDonde viven las historias. Descúbrelo ahora