❤ الفصل الثالث ❤

30.2K 2.5K 256
                                    

نوفيلا "حبهان"

الفصل الثالث:

ساندها فهد لتقف على ساقين مرتعشان من الصدمة ووقف في وجه الرجل لايزال بالداخل معها صارخًا:
-في ايه يا جدع أنت اتجننت ولا أيه؟
-شايفين البجاحه بايت معاها من امبارح في المخروبه دي.
-لا ده انت راجل عايز تتربى بقى!
صاح فهد وهي يمسك بتلابيب الرجل وينطحه بغل في رأسه بينما وضعت زينة كفيها على اذنيها في ذعر وانتفضت حين دلفت لها والدتها بوجه شاحب هامسة في غضب كي لا يسمعها الرجال الأربع في الخارج:
-ايه اللي حصل يا بنت الكلب هتجلطيني في العمر ده!!
سيطرت زينة على بكائها وكل فرائسها ترتعش لتجيب في ضعف:
-والله العظيم اتحبسنا يا ماما وما اعرف مين اللي قفل علينا.
ضربت امها على فمها في حالة هستيرية وقد علت دقات قلبها مما سيحدث لابنتها ووقفت تتابع في رعب حين تكاتل رجلين على فهد ودفعاه عن ياسر الحقير، ليقول أحد الرجلين:
-اما قليل الأدب وبجح بصحيح وليك عين تمد إيدك عليه بعد الفضيحة دي!!
-فضيحة ايه يا راجل يا مجنون أنت كمان؛ احنا كنا محبوسين من إمبارح في خرم الابرة ده!
-اه محبوسين وماله...
نظر ياسر إلى زينة باتهام وهتف في حقد:
-ولما عرضت عليكي الجواز عملتي المضحية ولا انا هربي بنتي، أتاريكي كنت...
لم يستطع إكمال جملته حين جذبه فهد من ملابسه وثبته أمامه في عنف بعد أن أصبحت كلمات ياسر كالقنبلة الموقوتة في صدر فهد، فهتف قائلًا:
-عايز تتكلم اتكلم معايا أنا، محدش ليه دعوة بيها، أنت فاهم!
حاول الآخر التملص من قبضته وهو يستطرد باستفزاز:
-لا مش فاهم يالي داير تضحك على ستات حارتنا.
-اضحك على مين يا حيوان دي هتبقى مراتي.
قال فهد من بين أسنانه بنفاذ صبر، فلمعت عيون والدة زينة وهي تلملم شتات ذاتها وتستحضر ذكائها لتهتف في عنف:
-براحة على نفسكم شوية ده خطيب بنتي اصلًا واهدوا كده لما نعرف أيه اللي حصل ؟؟
ما هو على يدكم الباب كان مقفول من برا والباشا هو اللي فاتحه بأيده عشان يثبت الحدوته والفضيحة اللي بيقول عليها.
أعاد فهد امساكه من ملابسه وهو يهتف مستنكرًا في غضب:
-وانت عرفت منين اننا هنا، يبقى أنت اللي حبستنا.
دفعته ياسر في غل والتفت حول المكان يصيح دون خجل:
-يعملوا العملة وعايزين يلزقوهالي أنا ، أحضرونا يا أهل المنطقة!
صدح صوت رجل رخيم معلنًا عن وصول شيخ كبير في العمر ليفرقهم ويسأل في جدية:
-ممكن حد يفهمني ايه اللي بيحصل هنا؟
هرعت والدة زينة وهي تبكي وتتوسل في مكر أنثوي :
-يا شيخنا من امبارح وانا بلف حوالين نفسي مكنتش لاقيه بنتي ومكنش ليها أثر وكنت هتجنن واسأل ام مديحة هناك اهيه.
هزت أم مديحة جارتها وصديقتها الصدوقة رأسها في تأكيد لتكمل أم زينة بنبرة سريعة:
-منمتش طول الليل والمصحف وانا بتصل بكل حد يعرفها لدرجه اني قولت هي انتحرت ولا عملت في نفسها حاجه.
تكلم الشيخ بنفاذ صبر وهو يحرك يديه:
-أم زينة أدخلي في الموضوع على طول الله يرضا عليكي ورانا مصالح.
-حاضر يا خويا روحت اتفاجئت الصبح بياسر الأرمل اللي قصف عمر الولية مراته أم حبيبة الله يرحمها واقف في نص الشارع وبيهلل ويقول انه شاف فهد خطيب بنتي وبنتي قافلين عليهم المحل من امبارح،
وان لا مؤاخذه يعني قال ايه رجولته نقحت عليه الصبح وقال مش هسكت على الفضيحة دي واحنا رجاله ومنسكتش وكلام ميدخلش عقل عيل صغير يا شيخنا.
-ما هما بايتين هنا فعلًا يا أم زينة.
صرح احد الرجلان بجوار ياسر في تهكم لترمقه والدة زينة بشر قبل ان تستكمل موضحه للشيخ الموقر:
-كذب يا شيخ والله انا بنتي أشرف من الشرف اللي حصل ان في حد قفل عليهم الباب امبارح وعلى يدهم احنا فاتحينه بايدينا.
-وهو كان بيعمل ايه جوا معاها اصلًا؟
قال الشيخ في تعجب وعدم رضا:
فخرج فهد أخيرًا من سحر حكايات أم زينة المحبوكة ليتدخل معلنًا في حده:
-كنت بشيل شوال تقيل عليها فجأة اتقفل علينا.
نظر له الشيخ يدقق النظر إليه بفضول ليسأل:
-مش انت فهد ابن الحاج محمد الله يرحمه؟
-اه انا.
أجابه فهد في ثبات وفخر دون ابعاد نظراته عنه، ليخبره الشيخ في عتاب:
-طيب وده يصح يا ابني تجيب لواحده ست مصيبة زي دي ولما هي خطيبتك محدش فينا سمع عن الحكاية دي ليه،
دي حتى حتتنا عاملة زي أوضه وصالة مفيش حاجه بتستخبي فيها.
ارتبك فهد لكنه سرعان ما بلل شفتيه وأشار إلى زينة معللاً:
-مكنتش عايزة تقول لحد ما تعرفني أكتر.
تدخلت والدة زينة في كذبة جديدة بقولها:
-اه يا شيخ انت عارف سمعة الستات زي الكبريت وأنا قولت بلاش نعمل خطوبة واللي يقولك دي كانت مطلقة قبل كده واللي يستظرف بكلمتين قولت نخليها سر لحد كتب الكتاب على طول!
-وكتب الكتاب كان الاسبوع الجاى اصلًا.
أكد فهد وهو يقترب من كبير حارتهم ليقاطعه ياسر في غضب:
-وايه خطيبها يعني ده كمان وانت شايق يا شيخ ان وجوده معاها وبياتهم في مكان واحد ده يعدي بالساهل، الست دي لايمكن تفضل في منطقتنا.
برقت عينا فهد في تحدي وهو يتابع بانفعال:
-الست دي أشرف منك ومن عشرة زيك وعشان اثبتلكم صدقي انا هكتب الكتاب عليها انهارده،
ومش هستني دقيقه واحدة تخلي كلب يتكلم عليها عشان لما تكون على ذمتي وحد جاب سيرتها في حاجه محدش يلومني لما اقطع لسانه!
انهى تهديده وهو يزمجر في ياسر الذي وقف يجز على أسنانه في غضب ووجه احمر وهو يستشعر فشل خطته، فقد كان يرغب في الانتقام من فهد وجعل زينة بلا حيلة كي لا يتبقى لها خيار أخر غيره.
فتحت زينة فمها للاعتراض وقد هالها ما يقال ويحاك عنها فيما هي تقف بلا حول ولا قوة، فاندفعت نحوها والدتها تقذفها بنظرات تحذيرية اخرستها لتكتفي بالبكاء في صمت.
-وانا شاري كلامك لأجل خاطر أبوك ولأجل الست الغلبانة اللي عايشة وسطنا من زمان محدش سامع لهم نفس، هاتي بنتك يا أم زينة ومعايا على المأذون.
قال الشيخ وهو يرفع طرف عباءته ويتجه للخارج، نظر فهد إلى ياسر بانتصار واتجه خلف الشيخ دون النظر مرة واحدة إلى زينة فهو لا يزال يلوم نفسه لأنه كان سبب في إثارة فضيحة كانت يمكن ان توحلها للأبد ولكنه لن يتخلى عنها أبدًا.

حبهان Onde histórias criam vida. Descubra agora