نغمات نارسي

125 8 0
                                    

#قصة_قصيرة
#نغمات_مرعبة

وقف أمام الشاطئ وعينيه تتبعان موجه الهادئ وأذنه تستمع لصوته الهادّ وعلى شفتيه بسمة تتراقص بلهفة لرؤيتها مرة أخرى.. نعم.. رؤية من كانت تقف وسط الأمواج العاصفة ليلة أمس وقد لقطتها عيناه من شرفة غرفة الفندق المطلة على البحر...
انتبهت أذنيه لصوت ذلك الطائر الملون فنظر له ليراه محلق فوقه.. عاد بنظره مرة أخرى للشاطئ ليراها تقف أمامه بفستان أسود طويل دون أكمام وخصلاتها السوداء متناثره حول ظهرها وذراعيها بينما وجهها يتوهج وكأن بشرتها من الماس.. والبسمة الرقيقة مرتسمة على شفتيها بطريقة ساحرة..
أنتصب جسده ببهجة وعينيه تلتهم وجهها البراق بأنوثة طاغية.. نظر للطائر مرة أخرى حينما صدح صوته الرقيق بنغمة جعلته مندهشًا.. تابع الطائر بنظره إلا أن أستقر على كتف الفتاة الحسناء وقد رأى بين ذراعيها كمنجا وعيناها الفضية تنظران لعصا الكمنجا وكفها يحركه بهدوء فبدأت تتعالى نغمات هادئة جعلت من طبول قلبه تقرع بصخب وكأنها تشجع حربًا بداخله... شعر بعقله يذهب للبعيد وليس هناك سوى قلبه وعيناه اللامعة بهيام بينما شفتيه مبتسمة بسمة جانبية.. لم تمر لحظات حتى رآها تقترب منه بهدوء وكفها يتحرك بسرعة تدريجية فتعلو نغماتها بشكل أثار نبضات قلبه أكثر وكأنها تحتفل بانتصارها.. لم يشعر بنفسه إلا وهو يتقدم منها والمياه تداعب قدميه وكأنها تجبره على الاسترخاء أكثر..
لحظات... لحظات فقط وقد كانا سيقفان وجهًا لوجه.. ولكن صوت شقيقته المزعجة جاء من خلفه واخرجه من سحرها الذي سبح به!.. نظر لشقيقته بضجر ثم عادت عينيه لها ليراها اختفت!!..
أقتربت منه شقيقته وصوتها يخرج مستنكرًا :
- بتعمل إيه في المية يا ناجي!!.. .

نظر ناجي تحت قدميه ليرى سمانتيه غارقتين في الماء وأطراف بنطاله القصير مبتله.. تعجب من تخطيه للشاطئ ووقوفه وسط الماء.. أليس كان يقف على الشاطئ وهو يطالع حسنائه بموسيقاها الهادئة الساحرة...
استمع لصوت شقيقته المزعجة مرة اخرى :
- هو انت اتخرست يا زفت انت.. ما تكلم بابا.. عماله اكلمك من ساعة.. .

التفت بجسده وسار لخارج المياه بعد أن حدقها بنظرة مستفزة ثم توجه لداخل الفندق من بابه الخلفي.. .
تأففت الفتاة بتذمر وهي تسبه بينما قدميها بدأتا بالركض خلفه وقلبها يخاف هذا الجو المرعب.. على عكس ناجي شقيقها!!.. .

تهالك بجسده على الفراش وقد انهكه البحر وأمواجه المتلاطمة.. نظر للسقف بشرود وقد لاحت الحسناء بردائها الأسود ومسيقاها بفؤاده.. ولم تمر لحظات حتى استمع لصوت العصفور بنفس النغمة السابقة!!.. فهبّ واقفًا من على الفراش مهرولاً للشرفة وعيناه تبحثان عنها بلهفة.. وهي لم ترد له شيء فظهرت له كما كانت ولكن تلك المرة عينيها لم تكن ساحرة بل غاضبة.. غاضبة بشكل جعل من وجهها مضيء بشكل مرعب وشعرها هائج حولها وكأن ذرات الهواء تهرب من شيء إليها!!.. اختفت اللهفة وحلّ الاضطراب محله.. قدماه تتراجع للخلف وقد خفقت دقات قلبه بخوف وذعر شديدين.. وحينما خرج منها حتى أغلقها بعنف وجسده يصرخ بخوف.. ومالبث حتى استمع لصوت موسيقها ولكنها ليست ساحرة كما كانت عينيها.. بل بدت غاضبة.. هائجة.. مرعبة.. ارتعش جسده بقوة كما خذلته قدماه ليجلس على ركبتيه وكفيه يضغطان على أذنه بعنف حتى يمنع نغمات آلتها المرعبة للوصول لها ولكن كفيه لم يكُنا كافيين لمنعه.. .

بصباح اليوم التالي...
طرقت شقيقة ناجي باب غرفته لكنه لم يفتح.. فامسكت بمقبضه ودلفت لترى الغرفة فارغة عدا كلمتان سوداء على الحائط أمامها " نغمات نارسي ".. .

تمت بحمد الله
سهير بومدين

نغمات مرعبة Donde viven las historias. Descúbrelo ahora