الخيار الوحيد

الفصل الأول

كان ذلك الرجل ذو الملابس العسكرية والشعر الأشيب يجلس مقابلا ثلاثة أشخاص يفصله عنهم طاولة واسعة
(كونوا جادين ويقظين، عملكم العظيم هذا سيجعلنا في القمة ولن يجرأ أحد على مجابهتنا ) وأضاف بينما ينقل بصره بين الثلاثة الذين يستمعون بإنصات ( لا أريد تخاذلاً أو مشاكل أيها الرواد إنها المهمة الأولى إلى زحل سيذهب معكم رائد الفضاء الآلي ( روبونوت١٠ ) سيهتم بالاستكشافات الخطيرة وجمع العينات تفادياً لأي مشاكل وعواطف بشرية سخيفة )

رغم نبرته صوته الهادئة والصارمة إلا أنهم التمسوا السخرية فيها ما جعل الرائدة زبرجد تختلس النظر بعينيها الزرقاء نحو آزير قبل أن تعيدها بسرعة لمواجهة العقيد غوركي عندما ترك كرسيه واستقام جاعلا الفريق يقف معه بانضباط كالجنود فتحدث آريز بنبرة صوت قوية ( لن يحصل أي من ذلك سيادة العقيد )
ليرد عليه العقيد ( يجب ذلك فالعواقب وخيمة، فقد حصلتم هذه المرة على تدريبات منفردة لتجنب مشاكل السابقة في مهمة المريخ، أما أنتِ أيتها الرائدة داتو فقد استطعتِ الدخول إلى هذا الفريق السري بسبب ذكائكِ وإرادتكِ القويتين نتوقع منك أداء جيدا ) هزت الرائدة داتو ذات البشرة القمحية رأسها عدة مرات في حين لم ترمش عينيها أبدا
(القائد هو آريز لكن لكل واحد منكم عمله مهمته الخاصة لا يتركها لأي سبب، علم) رفع الفريق أيديهم لتحية العقيد بالتزامن مع هتافهم بصوت جماعي (علم سيادة العقيد) هز العقيد رأسه برضا (جيد، الآن أيها القائد آريز اتبعني إلى المؤتمر الصحفي يجب أن تجيب على أسئلة الصحفيين الفضوليين)
وفور انصرافه خارجا من الغرفة مع آريز وسط تهاوت داتو على كرسيها واضعة كفها على قلبها بينما تزفر في محاولة لإخراج التوتر ( كان مخيف حقاً، ثم بحق الله نحن رواد فضاء لا جنود في الجيش، أليس كذلك رائدة زبرجد؟)
التفتت بعد تساؤلها إلى زبرجد التي ما زالت واقفة بنظرات شاردة على مكان وقوف العقيد سابقا ندهت داتو عليها مجددا فنظرت نحوها بحدقتيها الزرقاء لثواني قبل أن تترك المكان متمتة كمن يحادث نفسه (لم يكن الأمر صحيحاً، ولن يكون)
تاركة داتو وحدها تلقي بضفيرتها السوداء الطويلة خلفها ضامة حاجبيها باستغراب (ما بالهم هؤلاء؟) .

في مكان آخر في مبنى وكالة الفضاء الحكومية وقف آريز أمام مجموعة من الصحفيين وأسئلتهم الكثيرة

(هناك الكثير من المخاوف لدى البعض عن كون الرحلة الفضائية ستنطلق في ٢٢ أبريل وهو اليوم العالم للأرض في ظل تعتيمكم على أهداف الرحلة، فما هو ردكم؟) أجابه آريز بنبرة واثقة قوية ( لا يوجد هنا أي نوايا خفية رحلتنا إلى قمر زحل (تيتان) لدراسته كونه يشبه الأرض في مناحٍ عديدة، أهدافنا كلها تصب في صالح الأرض ومحاولة إنقاذه)

لكن الصحفي لم يقتنع فعاود السؤال ( لكن تكلفة الرحلة مرتفعة بشكل لا يصدق في حين تمر الدولة بضائقة إثر نهاية الحرب العالمية الثالثة ) ( لا تنسَ أننا الفائزون في الحرب ) بابتسامة متكلفة ختم جوابه ثم أشار لصحفية لتدلي بسؤلها ( الرائد آريز أنت أول قائد فريق فضاء أسود البشرة تابع لوكالة الدولة، أنستطيع اعتبار ذلك تطورا؟ )
ضغط آريز بقوة على الأوراق في يده في وقت يحاول أن لا يرد بسخرية " إني خيارهم الوحيد " لكنه أجاب ( نعم حكومتنا تحارب العنصرية فلا سبب يمنع أن أكون القائد، سؤال آخر ؟ نعم أنتِ هناك)

وهكذا انتهى المؤتمر ليقابل بعدها آريز العقيد غوركي ( لقد قمت بالإجابة بشكل جيد، حافظ على انضباطك هذا كي لا يحصل لك مثل القائد السابق غراب).