pt. 3

214 36 35
                                    

-اليوم الموالي ...

تلاشَت الغيوم ليتوهّج قُرص الشمس يتوسط السماء ، تعالى صوت الجرس مُعلناً عن نهاية الدوام ، جاعلاً من الطلاب يتزاحمون عند بوابة المدرسة ، إختلطت أصواتهم بين التذمر و الضحك و المزاح متجهين إلى منازلهم بعد قضاء يوم طويل.

عدا من أخذ ساتراً بعيداً عن هذا الزحام ، قاصداً وِجهة مختلفة ، تباطأت خُطاه يتنقل بين المتاجر المختلفة التي ملأت جانبيّ الشارع ، ليمطّ شفتيه بإنزعاج بعدما غلبه الضجر.

بَلغتْ أشعة الشمس ذُروتها ليشعر بحرارتها تلفح جِلد بشرته ، إنكمش أسفل مظلته ليرتجف بخوف مُتذكرًا تحذيرات والدته حول حرارة الجو في هذا الوقت من اليوم لكنها ضعفت أمام إصراره ، نظر حوله باحثاً عن ملاذٍ يقيه من تلك الأشعة ليلتفت حوله في رُعب.

لمعت عيناه فور رؤيته أمامه ، خُيل له أنه سَراب ليَهز رأسه طارداً تلك الفكرة ، فالجو ليس بتلك الدرجة من السخونة و هو من يُعاني بالنهاية ، تبسّم كاشفاً عن أسنانه متنهداً براحة ، ليعبر الشارع حيث يوجد مُراده.

دفع الباب الزجاجي بخفة ليخطو داخلاً ، نظر حوله حيث تناثرت الألوان الزاهية في الأرجاء ، كألوان قوس المطر فجرًا بَعد غيث قضى الليل بطوله ، لكن لم يجد لون جاردينيا خاصته ، ظل يُقلب عينيه بحثاً ، ليجد جميع الأنواع عداها ، قطب حاجبيه مُستغرباً حين لم يجد حتى صاحب المكان.

دقائقٌ ليَرن الجرس مُعلناً دخول زَبون جديد ،ليدخل رجلان أحدهما يحمل بعض الصناديق التي أخفت وجهه ، بينما صديقه بجانبه يحمل مظلة تخفي الشمس عن صاحبه حامل الصناديق.

تحرك كلاهما متخطيان يونغي الذي أفسح لهما المجال ، ليدخل كلاهما غرفة وُجدت داخل المتجر الصغير ،ليُدرك يونغي أنهما لم يلحظا وجوده ، ألقَ نظرة على ساعة معصمه ليدرك أنه تأخر بالفعل و آن وقت عودته.

ترك مظلته على مقربة ليتجه نحو تلك الغُرفة ،ليقف أمام الباب يسترق النظر ، توسعت عيناه في ذهول ليشعر بإرتجاف أطرافه ، بشرة بيضاء ،عينان زرقاوان ،ملامحه الناعسة، و كأنه رأي نفسه عبرَ مرآة للزمن بعدما صار كهلاً.

شهق بخفة عقب سماعه لإسم الرجل ،ليركض خارجاً واقفاً عند باب المحل باحثاً عن مظلته ،تسارعت أنفاسه ليشعر بحرارة وجنتاه ،عيناه تُنذر بتساقط سيل من الدموع لكنه حاول تمالك نَفسه.

"عفواً سيدي الصغير أترغب بشئ ؟"

ذلك الصوت من ورائه ،إنه يحفظه عن ظهر قالب ، لطالما سمعه بتسجيلات والدته القديمة، حين كانت تواعد شخصاً لطالما عشقته بكلما أوتيت ،جز على أسنانه محاولاً كبت دموعه ،ليشد قضبته و جسده ما زال يرتجف ، لن يسمح لقواه أن تخور أمام شخصٍ مثله.

أقمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن