[٤]

139 28 11
                                    

مبانٍ كبيرة بنيت بعد أن حطمت البيوت العادية، شوارع مهجورة، ومقاهٍ مغلقة منذ سنين طويلة، غاباتٌ وبحيرات مجمدة وحتى البحار قد تجمدت أجزاءٌ كبيرةٌ منها، أصبحت الأرض موحشة ومخيفة...
هناك كان يسير مجموعةٌ من الرجال تحت الشمس التي لم تؤثر بشيء، بواسطة أدوات الصيد وقطع الثلج كانوا يزاولون مهنهم المعتادة منذ ست سنين، لقد قرر الشتاء أن يبقى بعد أن ازدادت برودته أضعافاً حتى نهاية الحياة ولن تأتي الفصول الأخرى قبل أن يأخذ الربيع مكانه، فاجتمع الناس في بناياتٍ عديدة لترشيد استهلاك وقود التدفئة، ومنع إنجاب أكثر من طفلٍ واحد وتم قتل من فعل ذلك مع طفله، وكان العلماء يدرسون إمكانية السفر إلى أحد الكواكب الدافئة بعد أن يقوموا وبطريقةٍ ما بتوفير الأوكسجين والماء فيه، هكذا تغيرت حياة البشر تماماً بعد أن فشلوا في معرفة سبب اختفاء الربيع.

أما المخلوقات الأخرى، فالحيوانات والنبات كثيرٌ منها انقرض وآخر تطور، والساحرات اللاتي يعشن أسفل الأرض فإنهن لم يتأثرن بصورةٍ مباشرة، لكن بقية المخلوقات القوية كانت قد تأثرت فقامت تقريباً بمثل ما قام به البشر، لكن بفضل ميزاتها الخارقة وبفضل تعاون ملكة الساحرات معهم فقد قلت الإصابات بالأمراض الناتجة من اختفاء الدفئ والربيع، وفي النهاية قام حكام تلك المخلوقات بإعلان الأسباب الحقيقية عل أحداً من الشعب يجد حلاً، لكن لا فائدة.

اعتاد الجميع على تلك الظروف وأصبحوا يكتبون المذكرات والكتب والروايات واصفين البهجة التي كان يسببها الربيع كي يراها أحفادهم القادمين بعدهم، انقسم الشعب إلى من لا يبالي بالأسباب ويحرص فقط على إيجاد لقمة العيش، ومن يسخر من الحكام وممن يصدقونهم ويجزم أن الساحرة هي من فعلت ذلك ليكون شعبها الأقوى ولتبقى المخلوقات الأخرى بحاجةٍ إلى الإعتماد عليهم، أما القسم الأخير فكان يؤمن بأن الربيع بحاجةٍ إلى الحب من أجل أن يعود، فكانوا ينشدون ويصنعون الأغاني له يخاطبونه بحبٍ وسط سخرية الآخرين.

ربما لم يلاحظ أحدٌ ذلك لكن كان الربيع يسمعهم أولئك الذين يحبونه، كان ينصت جيداً بين تلك الغيوم الكثيفة، كان يبتسم وسط الثلوج المدرارة، ويعانق الأطفال الذين قتلوا من أجل توفير مكان لبقية البشر، بعد الحزن القاتل الذي دخل قلب الربيع عاد ينظر إلى البشر و بقية المخلوقات متردداً، فلا يكاد يرى الحقول التي كانت في ما مضى تحمل القمح الذهبي حتى يذكر شعر ڤيولا، ثم يتأمل أشجار الزيتون الميتة فيذكر حدقتيها النقيتين، وبالرغم من أن قسوة الشتاء قد قلت بطلبٍ من الربيع لكن الدفئ والشمس الساخنة لم يعودا، ذاك الحب والشوق في قلوب معظم من على الأرض كان يخفف بمهلٍ البرد والثلوج، دائماً ما كان الحب يخفف ثلوج أفئدتنا، لأن الحب دفئ وجمال وربيع.

فهل سيعود الربيع يوماً؟

🎉 لقد انتهيت من قراءة ڤيولّا والربِيعُ الحَزين. 🎉
ڤيولّا والربِيعُ الحَزين.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن