الفصل الأخير

1K 41 0
                                    


(الفصل الخامس )

بعد سنوات

سهول خضراء تزينها ألوان طبيعيه للغايه ,ألوان الزهور والثمار فتجعلها لوحه جميله , بينما تنعكس الشمس علي السنابل فتعطي لها بريقا كالذهب ...لتمتد يد رغم أنوثتها ألا أنها جافه ..مهمله ..خشنه من كثره العمل ...وقطفت السنبله الذهبيه بعنايه كأنها تقطف ورده , زي رديء مهمل وقد ابهت لونه من كثره الغسيل والعمل قميص بالي ليس له لون محدد وتنوره من قماش رديء خشن يلتف حول جزعها بينما جمعت شعرها في تسريحه بسيطه للغايه علي شكل كعكه للخلف ولكنه ورغم أهماله ألا أنه مازال يحتفظ بنعومته متحديا كل الظروف , وأما ملامحها والحق يقال لقد تغيرت كثيرا ...فبشرتها اللبنيه الناعمه قد أسمرت من الشمس, ورسم الزمن خطوطه القاسيه علي ملامحها ...لكنها في النهايه مازالت جميله ...نعم أنها هي ....بيلسان !

.....

كانت تربط سله حول وسطها تجمع فيها المحصول بينما تتدندن بلحن ريفي تعمل وسط مئات النساء والفلاحات البسيطات يعملن طوال النهار وينامن بعد غروب الشمس مباشره ليبدءن عملهن مع الفجر :

-خاله بيلسان ....خاله بيلسان ...يا خاله!

كانت أحدي الفتيات تركض بسرعه وهي تحمل شيء بيديها وتبتسم بفرح وكأنها تحمل ميثاق السلام بين يديها , فأعتلدت بيلسان ماسحه العرق عن جبينها ونظرت للصغيره اللاهثه:

-ماذا هناك يا جوري ألا ترين أني أعمل ؟

مدت الفتاه شفتاها بعدم رضا:

-لقد قابلت رجل البريد في طريقي وكان معه جواب لكِ ,أأنا مخطئه أني أتيت به لكِ مسرعه ؟

وسط كلامها الكثير لم تلاحظ الفتاه شحوب بيلسان وهي تبلع ريقها بصعوبه وسألتها بارتباك:

-أين الجواب؟

نظرت لها الفتاه بضيق ثم مدت يديها :

-ها هو ذا

ثم سلمتها لها وأنتظرت كلمه شكر لكن بيلسان لم تكن في وعيها فقد وضعت السله جانبا وأفترشت الارض بملابسها المهترئه وباصابعها المرتعشه فكت رباط الخيش الملفوف حول الورقه وبدأت في قراءه الخط المهزوز

..........

-قف قف قف قف

قالتها بسرعه وهي تشير لأحد العربات الشعبيه التي تعد اوسيله التنقل الاكثر أنتشارا في المدينه فأسرع الرجل بالوقوف وهو ينظر لهيئتها بشك ,فقد حرصت علي أخفاء وجهها وأي شيء قد يدل علي شخصيتها ,فهي لن تخاطر بأن يتعرف عليها أحد بعد كل تلك السنوات ,حملت الحيبه الصغيره وضعتها بجوارها لتأمر السائق بصوت مرتعش :

-الكرخانه لو سمحت !

تململ الرجل في حنق لكنه لن يرفض المال أبدا فبدأ في تحريك العربه ببطء ساعدها علي تأمل ملامح البلده , لقد تغيرت بعد الحرب بل لم يعد هناك أي ملامح تذكرها منها ش, قطع الشجر وأغلقت المحال وهدمت البيوت وجف النهر الكبير حتي الناس تبدلت ملامحهم وملابسهم ,البلده التي كان أفقر ناسها يرتدون الحرير ويفتخرون بالألوان الزاهيه أصبحت باهته رثه الهيئه , وحتي كبار البلد يرتدون القماش الخشن الرخيص ,تنهدت بحزن وهي تكسر عينها تحو يديها ,أشياء كثيره قد تغيرت خلال تلك السنوات وقفت العربه فجأه لتيقظها من حاله سباتها وسمعت السائق يقول بغلظه :

بائعات الغرام(قصة قصيرة) Where stories live. Discover now