الفصل الثاني : موت وانتحار

92 8 30
                                    


**✿❀ ❀✿**

( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ❁ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ❁ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ... )

**✿❀ ❀✿**

عندما يسألني شخص ما عن امنيتي في هذه الحياة فكل ما اجيبه به ..هي كلمة بسيطة جدا ولكن ذو معنى عميق .... كل اتمناه هو ان اموت ....

لما الجميع ينفرون منه .. لما الجميع يتمنون العيش لاحبابهم ..؟ .. اليس هكذا يعذبونهم اكثر ؟

فالحياة مجرد مشاق وصعاب ..... على عكسي تماما عندما اكرهه شخصا اتمنى له حياة اطول .. لانه وبهذه الطريقه سيتعذب اكثر ...

كانت امي دائما تحاول ان تطرد تلك الافكار من رأسي ..فمنذ وفاه ابي وانا افكر بتلك الطريقة .....

اعتدت العيش بتلك الطريقة ..بتلك النظرة السوداويه وتلك الافكار الهمجية .... حتى بُحَ صوت امي وهي تحاول ان تعيدني الى صوابي ....

حتى انها تقدمت بطلب لطبيب نفسي مختص ....
ولكن اظن ان الطبيب قد أرهق مني ... واشعر انه بات يؤامن بما اصدقه ....

وفي يوم مشمس ذهبت مع صديقتي ناتالي ... التي تتشابه طريقة تفكيرها مع طريقه تفكيري ... الى الشاطئ ...

جلست انا ورفضت ان اسبح في الماء .. فرغم حرارة الجو الا ان الماء كان باردا جدا ....

حينها وجدت طفلا يبكي فسألته رافعة حاجبي : ما الامر لم تبكي ؟

_ لقد اضعت والدتي ....

_ اين اضعتها ؟ اقصد اين كنتما قبل ان تفترقا ....

_ لقد كانت في الماء ... وعندما بحثت عنها لم اجدها في اي مكان ....

حينها دخلت الى الماء رغم برودته وقلت بصوت عال : طفل ضائع في السادسة ....طفل ضائع في السادسه

حينها شعرت بأحد يدفعني الى قاع البحر ..

... لم اكن استطيع السباحه .. لذلك حاولت ان اصعد الى الاعلى لكن دون جدوى ... حينها تذكرت جميع افكاري عن انني اريد الموت ... وكم كنت غبيه حينها فأنا الان اجازف للعيش ... اغلقت عيناي مستسلمه .. لاشعر بأحد يرفعني ...

فتحت عيناي لارى حولي اناس مجتمون ... ثم قالت احداهن : هل انت بخير ؟

_ انا بخير ...

نظرت الى يداي والى جسدي الذي يرتجف  ثم قلت وانا اذرف الدموع : نعم ...انا حيه .. احمد الله على نعمه الحياة ... لما يا ترى كنت افكر بهذه الطريقه ... اذا كنت قد مت الان فمن سيعتني بأمي ....

وجدت ناتالي تحضنني وهي تقول : اذا كنت قد مت فقد كنت سأقتلك ......

حينها عاد عقلي للعمل بشكل طبيعي ...

ومن هنا لن انسى انني قد محوت فكرة الموت هذه من حياة وقد سرت في حياتي قدما ....

بعد ثلاث سنوات

كنت قد اصبحت طبيبه نفسيه ... تعالج الناس من تلك الافكار السوداوية ...

اخذت جائزتي الاولى عام ٢٠١٨ كأفضل طبيبه نفسية .

وفي يوم ممطر ....

جاء لي مريض لا يختلف عن باقي المرضى لكنه قال : اريد الموت فالموت افضل من الحياة لي ....ما فائدة الحياة طالما هي بشعه لهذا الحد ؟؟

قلت له بإبتسامه : اذا الق بنفسك في البحر وستجد انك تصارع للعيش...

نظر لي ثم فكر قائلا : معك حق .. اذا لم انا اريد ان اموت ؟

_ انت لا تريد الموت ... فقط لان الضغوطات تؤثر على عقلك فتجعله يفكر في ابسط حل للمشاكل لذا فإنه يلجئ دائما للهروب بفكرة الموت ..ظنا منه ان تلك اسهل وافضل طريقه لحل المشاكل ولكنه لا يعلم انه بذلك يزيد المشاكل اكثر ..

فالهروب من الواقع ليس الحل ....

_ ما اسمك ؟؟

تنهدت قائلة : كم مره ذكر هذا السؤال بالضبط ؟ اسمي هو آنجي البرت...

_شكرا لك ..سيدة انجي ...

_ على الرحب .... تستطيع الانصراف الان

قبل ان يغادر ... قال لي : لم اخترت بالتحديد ان تكون طبيبه نفسيه من بين جميع الاعمال ..؟

ابتسمت قائلة : اريد ان امحي العقول التي يملؤها الافكار السواداوية وابدلها بالافكار الايجابيه ... لكي لا يتأخر الوقت على هؤلاء الاشخاص ويندمون فيما بعد .. ولانني عشت التجربه بذاتها ...

نظر الى الارض ثم قال : الى اللقاء ...

عدت الى منزلي منهكه .. ارتميت على سريري وانا انظر الى سقف منزلي وقد قلت : اعلم انه في يوم ما سيدرك المنتحرين انهم على خطأ بل ربما يدركون خطورة ما يقومون به لحظه انتحارهم .. توديع الدنيا ليست هي الطريقه المثلى التي نتعمل بها مع مشاكلنا ...

اغلقت عيناي حينها ونمت في سبات عميق ...

استيقظت على صوت المنبة الذي لا يكف عن الرنين ابدا ...

غسلت وجهي وفرشت اسناني .. ثم ارتديت معطفي الابيض ... وقلت بحماس : يوم عمل اخر ....

خرجت من منزلي متأملة ان البشرية ستدرك يوما ان الموت لن يتعذب ولا يتضرر فيه الا انت ....
ستخسر صبرك طوال تلك السنين في اللحظه التي تحاول ان تقدم على الانتحار ... او تقدم على تلك الافكار المشؤومه ..... اعلَِم دائما انك ستكون الخاسر في المعركه ( معركة الحياة ) وليس هم .

( انتهى )

سؤال اليوم 💛

صحابية برائها الله تعالى من فوق سبع سموات ؟ 🤔

|| نُور طَريقِي || Where stories live. Discover now