"3"

232 44 16
                                    

بدت كامرأة عجوز أصابها الربو..التجاعيد توغلت في كل مكان والخدوش حفرت علي كل جهة..ينهش السعال رئتيها بعنف..ويغزو الصدأ جسدها بالكامل..الموديل "١٩٩٠" هي الشئ الوحيد الذي بقي منها سليما إلا من بعض الاطراف المتآكلة..

انها سيارتي..

السيارة التي بدأت اشك انها مرت بحادث يوما ما..

لكن لازلت بمقدورها السير..حتي ولو ببطئ..

ادخلت المفتاح لاشعل موتوروها الذي أصبح لا يجيد شيئا سوي اصدار ذلك الضجيج المزعج..لكنه اليوم لم يكن مزعجا علي الاطلاق،بل كان الشئ الوحيد الذي استطاع مراوغة عقلي عن التفكير..في زوجة مهووسة بمرض ابنتها الذي ليس له وجود..في ديون تراكمت علي،لا يقضي منها مرتب العمل حتي نصفها..وفي حلم لازال متشبثا بعقلي حتي الان!

يأبي إلا أن يرغمني علي التفكير فيه للمرة المليون...

أشعلت الراديو ورفعت صوته الي أعلى حد لعله ينسيني ذلك الحلم المريب...شغلت محطة عشوائية وانغمست معها قليلا...حتي وجدت نفسي امام المستشفى اخيرا... دلفت من البوابة وأخذت ارد السلام لزملائي كالمعتاد...حتي وصلت إلى مكتبي...دلفت من بابه لأجد "ممدوح" جالسا أمام المكتب ينتظرني..

-اخيرا جيت! يراجل دا انا مستنيك هنا بقالي يجي نص ساعة! اية اللى أخرك؟

جلست على كرسيي خلف المكتب وقلت:

-يعني انت مش عارف...هيكون اية يعني غير اختك اللي كل يوم تصحى تكلمني على "رنيم" والجن اللي فاكراه لابسها!!

يراجل دي بقت بتفكر بطريقة غريبة...كل حركة بتعملها "رنيم" بقت بتطلعلها مية نظرية مؤامرة...مش فاهم مين اللي زرع في دماغها الأفكار العجيبة دي!

خلعت ساعتي ووضعتها على المكتب ثم قلت:

-اه صح مقلتليش...انت كنت مستنيني بقالك نص ساعة ليه؟

ابتسم:

-عشان الابلة "سلمي" اللي بتتكلم عليها...اتصلت بيا يا سيدي وقالتلي انك مش مهتم ب" رنيم" وعامل نفسك مش شايف اللي بيحصل معاها بقالوا اسبوع،وقعدت تحكيلي عنها وتقولي انها بقت تكلم نفسها كتير وبتحب تقعد لوحدها اغلب الوقت وبتعمل حركات غريبة باين وحاجات كدة مفهمتهاش الصراحة عن المس والجن وكلام غريب كدة...

اعتدل على كرسيه بجسده المترهل وقال:

-بس بيني وبينك انا عارف اختي كويس وعارف دماغها اللي اتلحست من الخرافات دي من زمان...هما الستات كلهم كدة...بيصدقوا الخرافات والهلاوس دي اكتر من الحقايق نفسها...بس سيبك انت من الموضوع دا دلوقتي...

أخذ يفرك بيده في وجهه الاملس وينظر حوله في ريبه حتى اطمأن، ثم نظر لي وقال بصوت منخفض قليلا:

الحالة 101Where stories live. Discover now