الهمسة العاشرة: الإنعتاق الحق.

18 5 18
                                    

...

فريال، فتاة مسلمة يتيمة الوالدين، تعيش في مدينة كويطة، إحدى المدن المتحضرة في باكستان، تسكن مع عائلة أخيها الكبير معاذ من زوجته وأبنائه بعد أن تزوجت أخواتها الثلاث الأكبر منها، يرجع أصلها لقبائل البشتون.

وهي طالبة باكستانية متخصصة في هندسة البرمجيات، تطمح للإستقلال المادي والمعنوي حتى لا تظل عالة على أخيها، الذي ربما يزوجها في أي لحظة ليتخلص منها، وهي بالطبع لا تريد ذلك.

فرجال قبيلتها وبالأخص الذين هم في مدينتهم هذه، ينشهرون بقسوة الطباع، وظلمهم للمرأة، والتغافل عن حقوقها، ولا تريد أن ينتهي بها القدر في قبضة أحد منهم، وتصبح سجينة لرحمة وحش شرس، وتضيع أحلامها وجهودها في الدراسة هباءًا.

لهذا بنت لنفسها خطة طويلة الأمد ستساعدها على الهرب من هذه الحياة القاسية، وهذه المدينة الموحشة، ولكن بدون وصم العار والفضيحة على عرضها وشرفها، بدون رجل تستند عليه بل ستثق بنفسها، وتقف في وجه قدرها بنفسها دون خوف.

ومن أجل تحقيق ذلك، كان يجب عليها جعل شخصيتها أقوى، وطرد الهواجس والمخاوف من قلبها وعقلها حتى تصمد ضد زوبعة المجتمع وحديثهم اللاذع، وحتى هجومهم ونظرتهم الدونية للمرأة، كانت تجعل من روحها روح رجل وليس امرأة.

لكنها لم تضع النقاط على الحروف المناسبة لها بل أدخلت نفسها في متاهات أخرى، كان يجب أن تحرر من تهجم المجتمع، وقمعه لنفس المرأة من أن ترتقي وتوازي الرجل أو حتى تلحق فوقه عاليًا إن كانت تستحق، في سماء ميادين العمل والحياة وفق شرع الله.

لكنها تحررت من شيء آخر ما كان يجب أن تفلته
من قبضتها، فقد كان سلاحها الفتاك إن أحسنت استخدامه في وجه العدوان، لكنها فضلت رميه على أساس أنه هو العائق الذي حبسها في قفص الحيوانات الأليفة بالنسبة للرجل.

لم تعلم أن الرجل سيء اللب هو من أساء فهم أحكام الدين، واستغلها من أجل مصالحه، وليس للدين أي خطأ في ذلك، وحتى النساء أنفسهم سمحوا بذلك بل وساهمن في أكل حقوق بعضهن.

من تلك المرأة التي تغوي رجلًا متزوج ثم لما يتزوجها، تجعله يظلم الأولى ويحقرها، من تلك الحماة التي تضيق الحياة على كنتها وتدبر المكائد، وتلفق التهم لتفسد حياة ابنة أم أخرى.

أو ربما تعكس الأدوار كذلك، ولا تلك البنت التي تدمر حياة أختها بسبب الغيرة والحسد، والكثير من الأمثلة الأخرى، وفي حياتها هي، تعتبر نسبيتها نرمين هي سبب شقائها.

لم تعلم فريال أن التمسك بحبل الله ودينه الحق، الإسلام هو حبل النجاة، وليس حبل شياطين الجن والإنس، ذلك الحبل الذي تشابكت خيوطه الحريرية، المزخرفة بذهب وفضة الدنيا لتغريك به، وتوهمك أنهم حقًا يهتمون لكِ أيتها المرأة الشريفة.

همسات هلال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن