《اكسرِ الإطار》

50 6 23
                                    

لازالَ في القلبِ نبض♡》
اكسرِ الإطار
14.6.20

داخل اطار لوحةٍ ريفيةٍ مُترعةٍ بالشجن وقفتْ باسمةُ الثغرين ذاتَ إحدى عشرَ ربيعاً بحماسٍ مُفرط أمام أقرانها مُجيبة عن تساؤل المعلمةِ وقتها
-ب- 'ماهو حُلمك؟'

'حُلمي أن أُصبح عازفةَ بيانٍ مشهورة'
وضج ضحيجُ من حولها بالضحكات والعديد من الأحاديث ..

'عازفة مشهورة؟؟ماذا ستعزفين للأبقار والمهور مثلاً؟'
'ماذا ستجنين من العزف في الأروقه؟؟هل ستتناولين أصابع البيان حينما لاتجدين المال؟

ويلحقها سيلٌ من التُراهاتِ التي تفوه بها من حولها جعلت عينيّ *عازفتنا الصغيرة* تترقق بالدموعِ مع تقوس ثغريها باكية..

ربيعٌ يلحقهُ آخر وتلحقها التُراهاتُ أينما ذهبت ك
'عازفة الأبقار' حتى وقفت مُجدداً بتوترٍ خاشيةً التفوه بحُلُمها و قاطع صمت الصف وضجة مشاعرها صوت أحدهم متفوهاً بسخرية
'لقد أصبحنا بالثانوية لاتخبريني بأنك لازلتِ تودين أن تصبحي عازفةً للأبقار!!' وتلته قهقهةُ الجميع ..

تنحنحت بوجلٍ وبصوتٍ مُهتزٍ مُرتديةً زي الشجاعةِ الزائفة :
' نعم لازلت أفعل .. ماخطب حُلمي ؟إنكم دوماً تفصحون عن أحلامِكُم دون مقاطعةٍ مني أو من غيري لما تفعلون هذا معي!! '


صاحت إحداهن بقهقة 'نحن نحلم بشيءٍ واقعي .. يا خليفة غونزاليس نسخة الأبقار والخرفان ههه '

ضرب المُعلمُ الطاولة أمامه وبصوتٍ جهوري 'أصمتو وأنتِ عودي مكانك..'

يومها بعد خروج الجميع من الصف أوقفها المُعلم مُمسكاً بكتفيها مُتحدثاً بجدية 'ابنتي .. إن حُلمك لطيفٌ للغاية ولكنهُ ليس واقعي البتة! إنظري نحن بقريةٍ نائية وكل ما نُجيدهُ من حِرفٍ هو الزراعة،تربية الماشية والقليلُ من المعلمين والمُهندسين البسطاء .. لايمكن لأشخاصٍ مِثلنا أن يخرجوا بعيداً خارج إطار هذه الصورة ' أومأت لهُ مُغادرةً مدرستها التليدة..

"وكزهرةٍ نبتت بجُبِ صخرة"كان ذاك حُلمها الذي نبت بغيرِ محله..
لكن حتماً الماءُ لن يظل طريقهُ للوصل لها..

فقط لوهلةٍ وقفت أمام الإطارِ تُحدق به..هل هذهِ نهايةُ أحلامٍ سقتها لعشرين ربيعاً وشتاء؟

كانت أحلامُها ك شمعةٍ تُضيء عُتمةَ غُرفتها حينما تنطفئ شموعها وزخاتِ المطرِ تُبللُ أرضيتها مُغرقةً آخر عودِ كبريتٍ في العُلبة! مثلَ غطاءً يُدثرُها مُحتضناً جسدها بدفئٍ في ذروةِ الشتاء..ثم حُضنٌ يمد جسدها بالثقة وضماداً لكُلِ الندوب العالقةِ بها من آثارِ الإرتطام..
ومعَ سقوطِ آخرِ أوراقِ الخريف تهاوى جسدُها المُرهف وجثت مُطأطأتاً رأسها سامحةً للقطراتٍ الساخنة بتبليل وجنتيها وكأن كل مافي الكون ساكن..إلا نبضها وأفكارها المقيته

وكادت رفعَ الرايةِ البيضاء وفي اللحظاتِ الأخيرةِ تسللت ألوانُ الربيع بعُمقها وتفتحت أزهارُها وتفتت أخر صخرةٍ يوماً حملت عليها تلك الزهور العبقة..

حينها وقفت بذاتِ البسمةِ تعتلي ثغريها وبحماسٍ مُفرط توجهت لقبو منزلها
شحذت منشارها - وهو ذات المنشار الذي استخدمهُ جدها في صناعة ذلك الايطار و هي ورثته عنه- بعد أن حددت الزاويةَ الأضعف من الأطار وكسرته!! وحلقت خارجه

#نحن لانستطيع العبور من خلال الإطار..ولكننا نستطيعُ كسره#

لعقودٍ كان حُلمُها مسجوناً داخل تلك الصورة!!والتي تناسى سُكانها وتناست هيَّ أنهم من قامو برسم هذه اللوحة العتيقة وسجنوها داخل الإطار !!

"التقاليد،العادات،الأعراف،القيود،الموروثات وماوجدنا عليهِ أباءنا"
أهذا كُلُ مانُجيد اتباعه؟ ألانُجيدُ رسم صورةٍ جديدة؟
"بأحلامِنا،بقدراتنا،بشغفنا،بمبادئنا وبكوننا يداً واحدة!"
نستطيعُ صُنع اللوحةِ الخاصة بنا والقوانينَ التي تناسبُنا بعيداً عن هذه الإطاراتِ البالية لنجعل لوحتنا حرةً مُلطخةً ببصمةٍ كُل يدٍ يوماً مرت مِن هُناك بعيدةً عن الألوانٍ الباهته بألوانٍ فقط بهية♡جميعنا نمتلك منشاراً توارثناه عن أجدادنا لنحسن استخدامه في كسر الايطارات لا صناعة آخرين..!!

ليست نهاية زهرةٍ نبتت في جُبِ صخرة!
وليست نهاية قلبٍ حالمٍ مازال فيه نبض♡

By:mena♡

* تذكر أنَ كسرَ الأطار لا يعني كسر أخلاقك وقيمك .. نحن نعني بعاداتنا الفاسدة وتقاليدنا وماخلفهُ المجتمعُ من أفكارٍ عقيمة*

لازالَ في القلب نبض♡حيث تعيش القصص. اكتشف الآن