الفصل السابع

440 53 0
                                    

#الإيمان_والحب
.
✍رويدة الدعمي
.
الفصل السابع
.
دخل منتظر غرفة العمليات بقلبٍ ثابت وإرادة قوية .. بدأ الطبيب بإعطائه المخدّر ( البنج العام ) ثم دخل الأطباء الآخرون تلك الغرفة لأجراء عملية استئصال إحدى الكلى من جسده .
كانت ملاذ تشهد هذه الحالة حيث إنها مع والدها ووالد منتظر ينتظرون انتهاء عملية الاستئصال لتبدأ عملية الزرع ..
حيث سيتم زرع كلية منتظر المستأصلة في جسم ملاذ بدل كليتها شبه المعطلة .
قبل انتهاء العملية بفترة قليلة أُدخلت ملاذ إلى الغرفة المجاورة ليبدأ
التخدير التام لها هي الأخرى .
تم استئصال الكلية من جسم منتظر وانتهت العملية بسلام والآن جاء دور ملاذ .
امتلأت الغرفة بالأطباء وقبل أن تفقد ملاذ وعيها تحت تأثير ( البنج ) كانت تردد ما علمّها إيّاه منتظر :
(( إلهي إن لم أكن أهلاً لبلوغ رحمتك .. فإن رحمتك أهلٌ لبلوغي .. لأنها وسعت كل شيء )) .
الوالدان في الخارج كل منهما ينتظر نتيجة فلّذة كبده !
نادى الطبيب :
ـ أين والد منتظر ؟
جاء الوالد مسرعاً :
ـ نعم يا دكتور .. ها أنذا ... كيف حال ابني ؟
ـ الحمدُ لله .. لقد استعاد وعيه تستطيع رؤيته الآن .
دخل الوالد وعيناه مغرورقتان بالدموع وهو يحاكي ولده وكأنهُ يُحاكي طفلاً ذا خمس سنوات !
ـ كيف حالك أيها البطل الشجاع ؟
كان منتظر يشعر بألم شديد لم يكن يتوقعه ! ما الذي يجري له ؟ ما هذه الضربات المؤلمة التي تدق في جسمه ؟ إنه يشعر بارتجاف ورعشة بين فترةٍ وأخرى ، وغشاوةٍ كالسحابة السوداء تحيط ببصرهِ فتمنعه من مواصلة فتح عينيه !
تكلّم مع نفسه :
ـ قد يكون هذا جرّاء المخدر .. لكن ؟!
صمت منتظر وهو يشعر إن الألم يزداد شيئاً فشيئاً ، تساءل مع نفسه مرة أخرى :
ـ هل أُخبر الطبيب بالأمر .. لا .. أكيد إن الأمر طبيعي وهو يحصل لكل مريض يخرج من صالة العمليات .
تركه والده واتجه الى حيث يقف ابي ملاذ منتظراً نتيجة ابنته..
بعد اكثر من ساعة سمع منتظر وقع أقدام أدار ببصره لينظر من القادم ..
الغشاوة مازالت في عينيه ، نعم إنه يرى الآن بشكل أوضح بعض الشيء .. لقد ميز القادم ، إنه أبوه ..
ـ ولدي منتظر .. الحمدُ لله ، نجحت العملية وملاذ بخير الآن ، آه ..
الحمدُ لله على سلامتها وسلامتك أيها الغالي .
مضى يوم على العملية ، ملاذ تزداد تحسناً أما منتظر فأمرهُ غريب ! الألم لا يفارقه .. بل يزداد في كل لحظة ، إنه لا يستطيع أن يقول شيئاً لأنه هو نفسه لا يعرف ما الذي يصيبهُ !
قد تكون آثار العملية ... لكن أهكذا ؟!
لاحظ والده هذا الأمر المقلق ، قرر أن يتكلم مع الدكتور بشأن ولده وحالته تلك .
ـ دكتور .. هل أصاب أبني مكروه ؟
ـ لماذا تقول هذا يا رجل ؟
ـ دكتور إن حالته لا تتحسن ، بل هي تزداد سوءاً !
كان الطبيب المشرف على حالة منتظر ما زال شاباً وجديد العهد بالمهنة ، ارتبك بعض الشيء وقال :
ـ سأخبر الطبيب الذي أجرى له العملية ، إنه الدكتور سعد .. سأخبره بالأمر حالاً .
جاء الدكتور سعد وما أن وقعت عيناه على منتظر حتى تغيرت ملامح وجهه !
تقرّب منه وهمس في أذنه :
ـ ولدي منتظر ..هل تسمعني ؟ أنا الدكتور سعد ..
أجابه والد منتظر :
ـ إنه في حالة إغماء يا دكتور .. أرجوك ساعد ولدي !
طلب الطبيب من والد منتظر الخروج من الغرفة ونادى على الممرض الذي يقف على مقربةٍ منه وتكلم معه بعض الكلمات ، أسرع الممرض بالخروج ثم رجع ومعه خمسة أطباء .. دخلوا الغرفة وأغلقوا الباب خلفهم .
عرف والد منتظر إن ولده قد حدثت لهُ مضاعفات خطيرة جراء العملية ، لكنه لم يتفوّه ببنت شفة غير ترديده لبعض الكلمات .. إلهي أحفظ ولدي .. يا رب
.
ها هو اليوم الثالث من انتهاء العملية ، الطبيب يأذن لملاذ بالقيام
والمشي بعد أن تحسّنَت حالتها كثيراً .. كانت دائمة السؤال عن حال  منتظر ولم يكن والدها يجيبها غير انه بخير !
وبعد أن أذن لها الطبيب بالمشي قليلاً طلبت من والدها أن يرافقها إلى الغرفة التي ينام فيها منتظر ..
لم يعرف الأب ماذا يقول لها .. هل يخبرها بالحقيقة ؟ هل يخبرها بأن منتظر في حالة خطرة جداً !
لا .. قرر أن يُخفي الأمر عنها لكن إصرارها على الذهاب إليه جعلهُ يمتثل لأمرها ويرافقها إلى تلك الغرفة ..
دخلت ملاذ وما أن أبصرت منتظر مُلقى على ذلك السرير بحالته تلك حتى دُهشت وركضت نحوه ، سحبت الكرسي وجعلته بقرب سريره ، جلست وبدون وعي صارت تبكي..
ـ آه ماذا جرى لك يا منتظر ؟
كان وجهه أصفر اللون وكأنه لا يحتوي على قطرة دم ! كان والده يقف بقربه ولا يتكلم بغير لغة الدموع .. بكى والدها هو الآخر لأن الحقيقة هي أكبر مما تراهُ ملاذ ..
الحقيقة إن منتظر قد يفقد الحياة بعد ساعات !!
كان الأطباء قد تركوا الغرفة بعد أن يأسوا من حالته .
قامت ملاذ من مكانها وهرعت نحو والد منتظر وهي تصرخ :
ـ أخبرني يا عم .. أستحلفك بالله ، ما به  منتظر ؟ لماذا حالته هكذا ..
ولماذا تبكي أنت وأبي ؟ ما الذي تخفوه عني .. أخبروني !
أخبرها والدها بما حصل لمنتظر ،

الإيمان والحب Where stories live. Discover now