٦| المُحقق يهوى العزلة.

32 6 45
                                    

قمت بتغيير ملابسي لأبدو كشخصي الطبيعي ثّم توجهت لمنزل والداي.

قابلني والدي من وراء الباب بِقوله:
"أنظروا من لدينا هنا.. كدت أنسى أن لدي ابن"
تهكم مفسحًا لي فرصة لأدخل، ضحكت مِثله، لا أنكر انا بنفسي أنسى أنني على قيد الحياة.

خلعت حذائي ثّم استقمت حاملًا ما أحضرت بالإضافة للقبعات.

ثّم المفاجاة جاءت في الطريقة التي تلقت فيها والدتي مجيئي:
"اوه سيهون! لقد جلبت الكثير من الفجل!"

نعم صحيح أمي، انا الابن الصالح اليوم.

مرتين في العام لأجلكما.

تفاخرت بنفسي متجهًا للمطبخ لأضع الأكياس:
"إصراركِ أقوى من كسلي أقسم"

رائحة الطعام الشهية كانت تعم المنزل وهذا يضفي جو عائلي أكثر لقد كنت أفتقد ذلك للغاية، خرجت من المطبخ بعد التطفل على عِدّة أطباق باسمًا بِنشوة.

تبًا للعمل.

عانقت كليهما فجاة في قلب غرفة المعيشة ثّم انحيت مادًا القبعات لوالدي:
"فلنصطاد معًا قريبًا، ابي"

ضحك والدي ملء صدره ثّم سعل لأن ذلك كان أقوى و أظرف مما ظن، تبادل نظرة سريعة مع والدتي وسرعان ما انفجرت هي ضاحكة!

ماذا يجري هنا؟

صفع براسي قبل أن يأخذ الهدية بامتنان على وجهه:
"أيها الوغد الكاذب، أيها الوغد الكاذب"

فركت على راسي بغيض واعتدلت:
"آه لا مجال للدعايات في هذا المنزل!"

هتفت والدتي متجهة للمطبخ:
"دعونا نتناول الطعام فقط"

ولحقنا بِهَا انا و والدي.

***

في دقائق كانت طاولتنا البسيطة قد امتلئت بالأطعمة الشهية ذات الرائحة والشكل المُذهل.

مهارات والدتي في الطبخ هي قبلات دافئة في ليلة باردة وعِناق طويل
يُثير البهجة دومًا.

رحت ألتقط أعوادي وعيناي محتارتان بأي طبق أبدًا!

حسنًا.. الدكبوكي؟ لأن لعابي قد يسيل في أي لحظة.

أسرعت بالتقاطه، ارتخى في الأعواد وتساقطت صلصته الحمراء
بشكل أثار جوعي أكثر ورحت أزدرد ريقي قبل أن أضعه في فمي، كان ناعمٌ للغاية وسُرعان ماذاب بمذاقه الحاد كما احب.

ولَم ألحظ سخونته إلا عند فوات الأوان مختنقًا بِه، كان ساخن حد أنني رحت أقفز في مكانيمحاولًا مضغه وابتلاعه بأسرع وقت فامتلأت عيناي بالدموع.

"على مهلك أيها الأحمق!"
أنب والدي عاقدًا حاجبيه ثّم طرق على الطاولة بالاعواد حين استلقيت غاضبًا لأنه آلمني بِشدة! وسارعت والدتي على عكسه بالقلق ومد كأس ماء لي.

"يبدو كالمشرد الآن، هذا يُحزنني أكثر"
رددت والدتي ساخرة لِقَاء طريقتي الهمجية في الأكل وكان علي الرد، أظنني أخذت طبع التنمر منهما.

"أظنني أصرفت في شرب السوجو وتناول الدجاج حد أنني نسيت مذاق الطعام المطهو منزليًا، انا مصدوم للغاية"
نهضت عن مكاني وتحدثت على مهل لأن فمي يحترق،اخذت كأس الماء منها وتجرعته.

"عد للعيش هنا"
اقترحت والدتي بأعين حانية مع أنها تعلم أن الإجابة هي:
"لا.. كنت أعبر عن مشاعري فقط، انا احب عزلتي حقا"

أشار والدي بقطعة الخس بخيبة ثّم اخفضها ليبدأ بوضع اللحم البقري فيها:
"أترين؟ هذا ما اتحدث عنه! ذلك الوغد لا يمانع قول أنه يستطيع العيش دوننا"

أطبقت شفاهي أمنع ضحكتي من التسلل، سأحاول الان تفادي الأمر قدر المستطاع، اخذت قطعة الخس من والدي، اضفت له صلصة الفلفل الحار ثّم سارعت بحشرها في فمه:

"أيقو.. والدي العزيز فلنتناول طعامك بسعادة!"
حادثته كالطفل الصغير رُغم وجهه الحانق، راح يمضغ الطعام متنهدًا.

"ماذا عني بِماذا ستخرسني؟ أيها الولد الشقي"
تهكمت والدتي ورُبما شعرت بالغيرة.

حسنًا والدتي هي خصمٌ صعب حين يأتي الموضوع لذلك.

"المائدة كلها"
ابتسمت.

-يتبع..
20august2020.
01011442.
5:48am.
Thursday.

His Tragedy.Where stories live. Discover now