*الفصل الثاني- *قرارات حاسمة-

38 7 11
                                    

قصر ريتشموند –لندن- انجلترا

17مايو 1586

لم يكن الوقت قد تجاوز السابعة صباحا بعد، كان صباحا كئيبا فسماء لندن مغطاة بالسحب الرمادية غير سامحة لأشعة الشمس بالتسرب من النوافذ الزجاجية المفتوحة في جناح جلالتها إليزابيث تيودور ملكة إنجلترا. كان الجناح الملكي يقع في الجانب الايسر من الطابق الثاني ويحتل مساحة ضخمة منه. جدرانه مغطاة بألواح خشبية داكنة تماثل الأرضية، في حين أنَّ بعض الغرف زودت بورق جدران ذي لون أحمر داكن، هذا اللون كان موجودا في كل زاوية، الستائر الثقيلة، أغطية السرير الضخم، المقاعد والأرائك. هنا وهناك كان لمحات من اللون الذهبي جاعلة المكان يبدو ملكيا بشكل فاخر.

كانت إليزابيث جالسة على أريكتها المفضلة تواجه أحد النوافذ المفتوحة، بجانبها طاولة تحمل صينية بها إبريق الشاي ذي لون الأبيض رسمت عليه طيور ملونة مثله مثل الفناجين والصحون الصغيرة، وحوله أطباق من المرطبات، كعك الجزر، شطائر الخيار، فطائر الليمون حلوى البودينغ بالشوكولاتة وكعكات محشوة بالكريمة ومربى الفراولة.

كانت هناك حقيقة الجميع على دراية بها وهي أنَّ الملكة إليزابيث تعشق الحلويات.

جذب انتباه إليزابيث انعكاسها في زجاج النافذة المقابلة، كانت ترتدي فستانًا ذا لون أصفر مشرقا ذي ياقة مربعة جعلها تبدو كشمس مشعة في وسط كل تلك الألوان الداكنة والسماء الغائمة. كانتا عظمتا ترقوتها بارزتين وكتفاها معتدلين، وجنتاها مرتفعتان ورثتهما من أمها، عيناها ذاتا شكل لوزي وأنفها مستقيم ينتهي بانحناءة صغيرة، بشرتها ناصعة البياض في تضاد حاد مع شعرها الأصهب الناري.

"السيد سيسيل قد حَضَرَ جلالتك." استدارت إليزابيث لترى ماريا إحدى وصيفاتها واقفة هناك ورأسها محني للأسفل.

"دعيه يدخل" أمرتْ إليزابيث واعتدلت في جلستها معيدة كوب الشاي الذي كانت تمسكه إلى الطاولة أمامها.

دخل وليام سيسيل مستشارها الخاص والمقرب بقامته الطويلة النحيفة مرتديا ملابس مخملية سوداء وقبعة صغيرة بينما غطت كتفيه وصدره سلاسل ذهبية بعضها مزين بأحجار الياقوت الحمراء. كان وليام سيسيل ذا وجه طويل وذقن معقوف مغطى بلحية ذات لون أشقر بندقي مثل شعره الخفيف الذي تسربت بضعة خصلات منه من مقدمة قبعته. حاجباه عريضان تحتهما عينان بنيتان بجفون مترهلة وهالات سوداء، غطى شاربه الكثيف شفته العليا ولطالما تساءلت إليزابيث إنْ لم يكن هذا مزعجا بعض الشيء. توقف مستشارها على بعد بضعة خطوات منها وانحنى قائلا: "صباح الخير جلالتك. خيرا؟ لقد قُمْتِ باستدعائي في هذا الوقت المبكر، ما الذي حدث؟" كان صوته محملا بالشك، فهو يعرف ملكته كفاية ليدرك أنَّ هناك خطبا ما.

"اجمع المجلس وليام، على الفور." ردَّت إليزابيث بصرامة مركزة نظراتها على نقطة خيالية خلف كتفه.

قصة ملكتينWhere stories live. Discover now