_9_

95 15 7
                                    


...

تقدم مني مدير العمل ليقول بنبرة صارمة:
- أنت المسؤولة عن الطبخ و هذا يعني أن كل ما يحدث هناك يقع عاتقه على كتفيك. بل كيف تتجرئين على الرد عليّ؟! أتعلمين من أنا؟ أنا جهاد مدير العمل. أنا سيد كل من يعمل هنا و أنت منهم. عليك الٱنصياع إلى أوامري و تنفيذها! ستصبحين نادلة كعقاب لك أيتها القذرة! أتفهمين؟

نبس الكلمة الأخيرة صارخا. شعرت بالغضب لكن لا يمكنني فعل أي شيء. لو ٱعترضت سيطردني و أنا بحاجة ماسة لهذا العمل فما أسوأ شعور العجز.

تراجعت للخلف لأغادر المكتب و أغلق الباب ورائي بيدي. رفعت يدي المرتعشة أمام وجهي و أخذت أتأملها قبل أن أشد على قبضتي.

أسرعت الخطى و تجاوزت الرواق لأجلس متكئة على الحائط ضامة ساقاي إلى صدري بينما تعددت الأسئلة في ذهني و توارى شريط حياتي أمامي..

تناهى إلى مسمعي بكاء جدتي هويدة و صوت صراخ جابر و ضربه لي. أخشى أن تمر حياتي و أنا أتجاوز فترات مختلفة من الضغط و الحزن و العذاب. أخشى أن يمر ربيع شبابي دون أن أقول لنفسي 'أخيرا انتهى كل شيء'. تجمعت الدموع في عيناي فطأطأت رأسي باكية.

- أهذه أنت يا صاحبة العيون الخضراء؟

رفعت رأسي و قد ٱغرورقت عيناي و ٱحمرت فوجدت أدهم جالسا القرفصاء أمامي و قد علت الحيرة و القلق ملامحه. بادرني بسؤاله:
- لماذا تبكين؟ ماذا حدث؟
- لا شيء..

عندها وقف و تراجع. ظننته سيرحل لكنه جلس بجانبي و ٱتكأ على الجدار ملتزما بالصمت. مسحت دموعي و أبعدت خصل شعري من أمام وجهي لأتنفس عميقا ثم أتنهد.

- ألن تقصّي عليّ الآن ما حدث؟
- حسنا.. اليوم ٱحترق الطعام فعاتبني جهاد صارخا شاتما.
- ستظلين أمهر طابخة بالنسبة لي.

قال ذلك بنبرة لطيفة ليضيف في حيرة:
- لم أشعر أن هذا ليس سبب بكائك؟
- لأنه ليس كذلك فعلا. لم أكن السبب وراء هذا. لم أحرق الطعام.

﴿عالم الخلود_نسيت كأني لم أكن﴾Where stories live. Discover now