مسابقة تشرين - عهد الساحرة

27 10 8
                                    


بشرود حدقت صفية الى ابنها الباكي  ولم تحرك ساكنا لمسح دموعه كعادتها  او تخفيف المه , كانت بعالم اخر بعيدا عنه تماما  , وعيناها الواسعتان استقرتا على مجموعة من اوراق الرسم البيضاء التي كررت فوقها رسمة سوداء مرعبة   .

عقلها غائب يحاول فك رموز تلك الرسوم المرعبة , فهي كأم لن تقبل  بتحليلات المعلمة منال , والتي اشادت واقرت بان طفلها  يعاني من مرض نفسي خطير هو الجنون !    . نعم فلذة كبدها ووحيدها نعت بالجنون وهو لم يتجاوز خريفه الخامس   وهي لن تقبل بذلك ...ابدا !  

لكن ماذا عن تلك الرسمة المرعبة التي لاينفك عن تكريرها كلما لمست يداه اقلامه .  في الاوراق , في جهازه اللوحي , فوق مكتبه  , وفي  الرمل . انها بكل مكان تحيطه  من كل جانب وكأ ن شخصا ما يدفعه ليرسمها غصبا عنه , لقد احتلته وملكت كيانه فطردت كل شيء من عقله الفتي سواها . 

انه يصر على ان هناك  ثلاث فتيات يعشن داخل المراة  يحدقن  به كلما مر من الرواق متوجها نحو روضته   , كما انه اقر بان هناك ا  امراة بشعر احمر  تزور احلامه وبيدها سكين يقطر دما وتناديه ولدي ! 

انها لم تعلم طفلها الصغير الكذب  وهو لايكذب , ولكنها تابى ان تصدقه  , وعقلها يرفض بشكل قاطع نسب الجنون اليه  .

حركت صفية عيناها الذابلتان نحو صغيرها لكنها لم تجد له اثرا , فخفق قلبها برعب ليس له مثيل ونهضت من فورها تبحث عنه بجنون بين اروقة المنزل وغرفها منادية اسمه بكل حرقة .

حسام ...حسام ....اين انت ياصغيري  ؟ 

وجدته اخيرا واقفا في الظلام يحدق بتركيز في مرآة بيضاوية الشكل ومؤطرة بإطار فضي لامع ...نعم انها المرآة الملعونة . بخطى مترددة اقتربت منه وانحنت الى مستواه 

ماذا تفعل ياصغيري ؟

اشار نحو المراة  قائلا

كانوا ينادونني .

سقط قلبها بين قدميها وهطلت دموعها مدرارا غير انها تمالكت نفسها  و نهضت بحزم ناوية ازالة تلك المرآة من حائط منزلها للابد ,  لكنها ما ان قابلت سطح المرأة المسقول بعينيها حتى خيل اليها ثلاثة اشباح سوداء تتهادى ببطء  وتقترب من السطح لتحتله في غمضة عين . بحركة غريزية تراجعت صفية  للوراء ممسكة بيد طفلها  وحين اتضحت لها صورة ثلاث فتيات في المراة ضمته الى صدرها بقوة لتحميه من اي خطر قادم .

بصوت ضعيف منهك قالت احداهن 

ارجوك ارحمينا ...ارأفي بنا واخرجينا 

اجابتها صفية بصوت مهتز

من انتن؟ 

نحن ثلاث فتيات مغتربات فرقتنا الدماء وجمعتنا المخاطر في مرآة واحدة فبتنا اخوات    

تجمعت قطرات العرق اللامعة على جبين صفية وتساقطت على شعر ابنها الفحمي  , فيما سارعت  للقول 

لا افهم .. كيف دخلتن مرآتي 

تقدمت فتاة اخرى 

لقد ادعينا الشجاعة واتصفنا بالجبن فتحدينا ملكة الدماء  لنصبح خادمات لها 

عيل صبر صفية من كل تلك الالغاز فصرخت 

كفى ..كيف اخرجكن ؟

تبادلن نظرات غامضة وقلن

قفي في الظلام وتجردي من الخوف , ورددي عهد  الدماء  

ثم اختفت الفتيات وعادت المرآة لطبيعتها.  فيما ارتعدت صفية و الكلمات ترن بعقلها  طويلا , لقد فهمت الان 

 تلك الليلة  في ظلمة الرواق وقرب المراة الملعونة  اشعلت صفية شمعة حمراء ونادت الاسم المحرم ثلاث مرات -ماري الدموية -  لتمتلا المراة بالدماء وتخرج امراة منها امراة بسكين دامي وشعر احمر وهمست بفحيح قرب اذنها

ابني ..

لم تقوى على الكلام , على الاعتراض  فهي التي مارست السحر لتستدعي اقوى ساحرات القرن التاسع عشر   لتوقع زوجها الحبيب في شراكها , اخبرتها ان الثمن سيكون غال لكنها تغاضت عن العواقب  ,حين رات الفتيات الثلاث يخرجن من المراة مبتهجات  ليسحبن حسام نحو المراة اكتفت باشاحه بصرها عنه ودموعها تسقط مدرارا  لتحتضنه المراة  وهو يصرخ وتبتلعهما المرآة معا ثم انكسرت الى اشلاء وتوقف الصراخ والهمس للابد وقد حصلت الساحرة اخيرا على رضيعها المزعوم 

حين سمعت  صفية صوت زوجها ينادي  وقفت امامه ممسكة بقطعة زجاج حادة , وحين وقعت في احضانه محتضره  وهو يصرخ بها خائفا  , همست 

انا اسفة 















غابة الغربانWhere stories live. Discover now